إن كان «المكتوب يُقرأ من عنوانه» فإن نتائج مجلس الأمة التي أعلنت أمس تكشف أمامنا وبوضوح حال مجلس الأمة الجديد، وهي حال لا أراها تبشر بهدوء سياسي أو انجاز فعلي يصب في صالح البلاد، ما يعني فشله وقصر عمره.
لن أتطرف في القول بأن هذه النتائج كانت كسكين اشتراها الناخبون بإرادتهم لذبح بلادهم، ولكن الصورة ليست بعيدة عن مثل هذا التشبيه.
وأرجو ألا تنصرف أذهان القارئين إلى أن هذا القول صورة من صور التشاؤم، بل هي الحقيقة مع الأسف، والحقائق ليست كلها جميلة، بل هي في كثير منها بشعة ومرة ومريرة.
إن سطوع نجوم بعض الشبان الذين دفعتهم أصوات الناخبين إلى الكرسي البرلماني، وهو الأمر الوحيد الحسن في هذا المجلس والحسنة الوحيدة في وجهه، لن يغير من واقع المجلس ولن يخفف من حدته ونبرات التأزيم ولن يحول ساحات الحرب إلى حدائق غناء وارفة، لأن الحكم ليس للعقل ولا للضمير الوطني ولا لمصلحة البلاد، ولكن الحكم سيكون للشيطنة السياسية وللدمى المتحركة بأيد خارجية.
واقع البلاد العربية الآن لا تحدده مصالحها الخاصة ولا تحده حدودها الجغرافية، ولكن تحدده قوى اقليمية ضاغطة وفاعلة وتدخل البلدان من أوسع أبوابها، وأياديها وأدواتها في ذلك، هم من يسمون بالطبقة السياسية وعلى رأس تلك الطبقة البرلمانيون، والعراق ولبنان مثلان واضحان أمامنا، فرغم المآزق والكوارث التي يعيشها هذان البلدان، فإن أمرا ما لم يتغير ولم تهتز ضمائر تلك الطبقة السياسية التي تجثم على صدري البلدين.
إذن فإن بلادنا وبمثل هذا المجلس تتجانس وتتناغم مع الواقع العربي المحيط وليست بعيدة عنه، وهذا ما يجعلنا في مثل هذا التخوف.
وإن كان من أمل، فإن هذا الأمل يكمن في المستقلين من النواب والذين لا يحملون أجندات ولا أوامر خارجية، فهؤلاء يفوقون أصحاب الأجندات عددا ومقبولون شعبيا وحكوميا أكثر من أصحاب الأجندات، فعليهم أن يشكلوا تكتلا واحدا ليقفوا في أوجه أصحاب الأجندات، وإن لم يفعلوا فإن الخطر لا شك داهم.
[email protected]