في عام 1967 كنت مذيعا إخباريا في إذاعة الكويت عندما قامت الحرب بين إسرائيل من جهة ومصر وسورية والأردن من جهة أخرى.
وكنا ننتظر وقوع هذه الحرب بحماس، ظنا منا وحسب وعود قادة ذلك الزمن بأن النصر مضمون لنا نحن العرب الذين كنا نعيش الإحساس القومي العربي ووحدة المشاعر وبقية التوشيحة، فلم نكن نعتبر أن الحرب هي بين الدول العربية المحاربة وإسرائيل فقط، بل كنا نعتبرها حربا بيننا كلنا كعرب وإسرائيل، هذا من ناحية الإحساس الفردي العام، أما رسميا فإن معظم الدول العربية كانت لها بالفعل قوات على تلك الجبهات وشاركت بتلك الحرب وقدمت شهداء وامتزجت الدماء العربية ببعضها في ساحات تلك الحرب الخاطفة التي لم تستغرق سوى ست ساعات.
خلال تلك الساعات الست تمددت إسرائيل جغرافيا وكبرت مساحتها وزاد نفوذها وتمكنت من إضافة مساحات شاسعة إلى رقعتها الأرضية تفوق كثيرا المساحة التي كانت تشكل دولتها، تمكنت من احتلال سيناء المصرية وغزة الواقعة تحت الإدارة المصرية والجولان السورية والضفة الغربية الخاضعة للإدارة الأردنية.
كل هذه الوقائع المحطمة للنفس العربية التواقة الى النصر والموعودة به، حدثت خلال ست ساعات فقط، ولكننا نحن كإعلام عربي كنا نذيع أخبار النصر وكيف أننا بتنا على أبواب تل أبيب وما إلى ذلك من أخبار عاكست حقائق الأرض ولم تعكسها.
نحن كإذاعات وأجهزة إعلام عربية لم نكن مسؤولين عما كنا نبث من أخبار كاذبة ولكن كنا نذيع ما يردنا من المصادر الإعلامية للدول المحاربة وعلى رأسها مصر وكان سيد إعلامها المسموع آنذاك أحمد سعيد مدير إذاعة صوت العرب أهم منبر إعلامي في ذلك الوقت.
إذا كان حجم الكذب ومغايرة الواقع كان يحدث بمثل هذه الصورة الفجة حينما كان الإعلام حكرا على الدول وتحت نظرها ومقيدا وليس منفلتا، فلا نستغرب إذن وقد تفلت الإعلام من عقاله الآن وأصبح كل فرد على سطح الأرض منصة إعلامية خاصة من خلال ما توفره مواقع التواصل الاجتماعي للأفراد كي يدلوا بآرائهم أو بتلفيقاتهم وأخبارهم الكاذبة وربما مكائدهم التي يرمون من ورائها إصابة بريء أو تبرئة جان.
[email protected]