ليس من عاقل يتمنى الشر لأحد، وأنا أحسب نفسي على هؤلاء العقلاء وأتمنى الخير للجميع.
تلك مقدمة لا بد منها قبل الدخول في الموضوع الذي أنوي الغوص فيه حتى أجرده مما يظنه ظان أنها ميول عدوانية في ومن أجل إزالة اللبس لو حدث لدى قارئ من القراء.
بعد صدور الأحكام ضد مقتحمي مجلس الأمة، ظهرت أصوات تطالب إما بالعفو أو تجاوز ما حدث، ولكن ما لم أفهمه هو المطالبة بـ «المصالحة الوطنية»!!
ما يعنيني ويعني كل إنسان محب للخير ومحب لوطنه وهنائه واستقراره، هو ألا يفلت المخطئ من العقوبة التي يستحقها نتيجة خطئه، والذين اقتحموا مبنى مجلس الأمة بتلك الصورة الفوضوية الرهيبة هم لا شك ارتكبوا خطأ، وهذا الخطأ له تكييف قانوني وقاعات المحاكم هي ساحته وهي الأولى بتصنيفه وتسميته وبالتالي مجازاة الفاعل ومعاقبته على فعله.
والقانون هو السياج الذي نحتمي به كلنا ونتحصن به ضد كل معتد على حق من حقوقنا، فكيف نطلب العفو لمن لم يحترم هذا القانون ومن خرج لهدم رمز أهم مؤسسة في البلاد وهي المؤسسة الدستورية الممثلة بمبنى مجلس الأمة؟! أرى أنها مطالبة مصدرها العاطفة غير العاقلة ولا تستند إلى العقل ولا إلى المنطق، وتخلو تماما من الحس الوطني.
أما القول بالتجاوز عن الحدث وفتح صفحة جديدة فهو نداء عبثي طفولي لا يتفق مع حجم الحدث ونتائجه ومؤشراته، ولا يلتفت إلى ما يمكن أن يؤدي إليه هذا التجاوز وطي صفحة الحدث، وأقله دفع آخرين مستقبلا للفعل ذاته ما دام لا تترتب على إتيانه عقوبة، ومآله السماح والتجاوز وطي صفحته.
أما عبارة «المصالحة الوطنية» في مثل هذه القضية فهي مدعاة إلى الضحك أو الإشفاق على من أطلقها، وتنم عن سذاجته وعدم إدراكه ماذا تعني.
فعن أي مصالحة وطنية يتحدث؟! هل نحن لا سمح الله في حرب أهلية أو أننا أمام تفتتات وانقسامات شعبية، كل ما في الأمر أن جماعة قوامها سبعون فردا خرجت على القانون واقتحمت مبنى مجلس الأمة وعبثت به!!
هذا كل ما في الأمر فأين هو مكان المصالحة الوطنية، ومن يصالح من؟!
[email protected]