سؤال جوابه ما وصلت إليه لبنان اليوم، تلك الجوهرة النقية، لبنان التي كنا نراها سويسرا الشرق وكما كنا نسميها قبل نصف قرن، لبنان التي كانت رئة الشرق وعاطفته، وسماحة الأديان في السلوك والمنهج، وواحة خير وسلام، وجنة الله في أرضه، أكلنا من «صفا» لبنان، وشربنا «صحته» وعشقنا صوت فيروز ورقصنا بألحان الرحابنة، كان كل شيء في لبنان جميلا .. من بشر وحجر، هذا هو لبنان الذي نعرفه، أما اليوم فلبنان مختلف جدا، أصبح أشبه بـ«أفغانستان» التي أنجبت «طالبان»من رحم باكستان، واحتضنت «القاعدة» التي رفعت علم «المقاومة» ضد المغتصب الروسي، ثم طغوا في البلاد (وعبروا حدود البلاد) وأكثروا فيها الفساد، فزرعوا المخدرات وصدّروها وتحصنوا بكهوف قندهار، فصب عليهم العالم جل غضبه، فدكت جبال «قندهار» بكل أسلحة الدمار، وانفرط عقد الأمن والأمان، وضاع «مستقبل» افغانستان.
دقق فيما سبق فالمقارنة فيها تشابه، بعد وقف الحرب الأهلية في لبنان بفضل من الله ثم بجهود المملكة العربية السعودية وقيادتها وكلفت اللبناني السعودي «رفيق الحريري» بجمع كل الأطراف المتخاصمة والشخصيات اللبنانية المؤثرة في مكان واحد «فندق بالطائف» ليخرجوا متصالحين ويصدروا «ميثاق الطائف» الذي نظم العلاقة بينهم.
عاد السلام لربوع لبنان، لكن وجود الجيش السوري في لبنان اعتبره البعض احتلالا، فطالبت الغالبية بخروج جيش سورية، لكن فئة لبنانية مسلحة، والجيش السوري رفضا المطالب، صبر اللبنانيون وانكبوا على الإصلاح والبناء بقيادة رئيس وزرائهم المنتخب «رفيق الحريري» الذي أصبح بطل السلام والاعمار وباني «مستقبل» لبنان فتم اغتياله، فانفجر بركان الغضب، وهب جميع اللبنانيين للشوارع، مطالبين بخروج جيش الاحتلال، نتج عن ذلك تحرير لبنان من الاحتلال، ونشأ تحالفان:
1- تحالف 14 آذار (الحريري وأغلبية الأحزاب).
2- تحالف 8 آذار (حزب الله والمردة فرنجية وبقية الأحزاب).
كان الرئيس عون في البداية مع تحالف 14 آذار، لكن وجد طموحه في تحالف 8 آذار (حزب الله) فتحول إليه ورشح نفسه لرئاسة الجمهورية، لكن الخلافات بين التحالفين حالت دون تحقيق الهدف، وحلا للإشكال تم اختيار قائد الجيش ميشال سليمان رئيسا للجمهورية وبعد انتهاء مدة رئاسته عادت المشكلة والعناد، كل تحالف يصر على مرشحه، هنا بدأ تحالف الحريري يكسر العناد واختار سليمان فرنجية من تحالف «حزب الله» معتقدا أن الموافقة مضمونة، لكن تحالف «حزب الله» أصر على ميشال عون للرئاسة فقط، فكان العناد، ودخلت لبنان في فراغ سياسي لمدة طويلة تعطلت بها مصالحها مع دول العالم، وتوقفت الاتفاقيات والمعونات التي تتطلب توقيع رئيس الجمهورية، وهنا يتبين لنا من قلبه على لبنان، فتسامى سعد الحريري على جراحه، وتجرع المر واستأذن رفاقه المعاندين ووضع لبنان واللبنانيين ومصالحهم امام عينيه، وبعد تفاهمات وتعهدات لمصلحة لبنان، صوت تيار المستقبل ليفوز العماد ميشال عون برئاسة الجمهورية، ويرشح مجلس النواب الحريري لرئاسة الحكومة، هذا ملخص ما حصل لكن هناك شعورا مخيما على لبنان.
شعر حزب الله بانه منتصر، وان له الفضل، فلا بد للمنتصر ان يفرض شروطه، وهناك من شعر بان هذا الفضل قيد، يضعفه، وهناك من شعر بعد فترة بخيبة أمل وربما بندم. وهناك من عرف مكانته بين رفاقه وربما يعيد حساباته، كل ما سبق يبقى لبنان أولا وفوق كل المصالح.
[email protected]