تطرح الأحداث الحالية في فلسطين المحتلة تساؤلا حول الدور الذي يمكن أن تقوم به مؤسساتنا الخيرية لدعم صمود المرابطين في فلسطين وحول المسجد الأقصى بعد سياسة التهجير والاستيطان المستفزة، بعيدا عن المقاربات الإنسانية المعتادة، وبما لا يتعارض مع نهج هذه المؤسسات في الحيادية والبعد عن التسييس.
للأسف في الفترة الأخيرة بدأت تختفي بعض مظاهر إبداء الدعم والمؤازرة لصمود أهلنا في فلسطين وتثبيتهم على أرضهم حتى في حملات التبرعات والإغاثة الإنسانية البحتة، مقابل مئات حملات الدعم الكبيرة من بعض الدول والشعوب التي تستحق الثناء والاعتزاز!
تتنوع وجهات نظر بعض الجهات الخيرية بالمساحة التي يمكن أن تتحرك بها لنصرة المظلوم مع مخاطرة تهمة التدخل السياسي، ويظهر هنا اسم هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH) والذي يمكن أن يمثل النموذج الصارم من بين مؤسسات العمل الخيري الإسلامي، ونستذكر موقفها الجريء في عام 2010، وبالتعاون مع حركة غزة الحرة، حين نظمت أسطول الحرية بهدف كسر الحصار المفروض على القطاع، وكان أن قام الكيان الصهيوني بمهاجمة الأسطول، وذهب ضحية هذه الجريمة عشرات القتلى والجرحى من فرق الإغاثة والمتضامنين من أكثر من 40 بلدا من مختلف أنحاء العالم، لكن ترتب على ذلك في وقت لاحق أن قام الكيان بتخفيف الحصار عن القطاع بعدما صدر بيان شاركت فيه المئات من مؤسسات المجتمع المدني والشبكات بما فيهم جمعيات خيرية من 16 بلدا عربيا، والذي أدان جريمة الاعتداء على أسطول الحرية، وطالب بفك الحصار عن غزة فورا، وتقديم مجرمي الحرب الصهاينة للعدالة الدولية.
تقف منظمات دولية كبرى مواقف حادة من انتهاكات الكيان الإسرائيلي لحقوق الفلسطينيين وسياسات التهويد والاستيطان والفصل العنصري وتوثقها في تقاريرها وبياناتها كما تفعل وكالة الأونروا ومنظمة هيومن واتس «حقوق الإنسان» ولعل تقريرها الأخير الصادر في ابريل 2021 بعنوان «تجاوزوا الحد.. السلطات الإسرائيلية وجريمتا الفصل العنصري والاضطهاد» من أكثر التقارير الذي ينبغي لنا الاطلاع عليها لإدراك حجم المأساة التي يعيشها أهلنا في القدس وما حولها.
رغم التحديات المعتبرة التي تواجه المؤسسات الخيرية الإسلامية بما لا يمكنها مجاراة نموذج الهيئة التركية ولا المنظمات الدولية التي أشرت لها لاعتبارات عديدة، إلا أنه يمكنها تبنى حملات جادة للمناصرة، تعتمد الصدق والوضوح، ومخاطبة الآخرين بلغة المشاعر الإنسانية، والدفاع عن حقوق أخوتهم المسلمين ومقدساتهم بما يتفق مع خصوصية كل جهة خيرية وبيئتها، وهامش الحركة الذي يحدد مسارها وردود أفعالها، وتقدير مصلحتها، ولكن من غير المقبول أن تصمت طويلا فعلا وقولا.