أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015 رسميا خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي تضم 17 هدفا من أهداف التنمية المستدامة، و196 غاية مرتبطة بها، من أجل أن يكون للبشرية إطار عمل مشترك لتوجيه العمل الجماعي وتحقيق مستقبل أفضل للجميع، لكن الخطة تواجه فجوة في التمويل تقدر بـ2.5 تريليون دولار سنويا في البلدان النامية، ولن يكون بوسع الدعم التنموي التقليدي لوحده سد هذه الفجوة!
وكان أن اتجهت الأمم المتحدة وبعض وكالاتها صوب التمويل الإسلامي، بسبب ما يتصف به من خصائص: توجيه التمويل إلى الاقتصاد الحقيقي من خلال تعزيز تقاسم المخاطر، وتجنب المضاربات المفرطة، وقصر الدين على قيمة الأصول، وما يملكه من أدوات متعددة: الزكاة، الصدقة، القرض الحسن، والوقف.
يمكن للوقف على سبيل المثال المساهمة في الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة «التعليم الجيد»، والهدف السادس «المياه النظيفة والصرف الصحي»، والهدف السابع «الطاقة المعقولة التكلفة والنظيفة» والهدف الحادي عشر «المدن والمجتمعات المستدامة».
وفي هذا الإطار، عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP في إندونيسيا، والتي تضم ما يقرب من 4300 كيلومتر مربع من أراضي الوقف، تقدر قيمتها بنحو 27 مليار دولار، مع بادان وقف إندونيسيا Badan Wakaf Indonesia، مجلس الوقف الوطني، للتعاون في أهداف التنمية المستدامة وتطوير منصة رقمية لمساهمات الوقف.
وأما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNCHR فقد سبق أن تعاملت مع أموال الزكاة بذكاء وتحملت بنفسها النسب الإدارية إذا كان مصدرها الزكاة كما كتب من قبل تحت عنوان «كنوز الزكاة.. من يستخرجها ويزيد من تأثيرها؟»، وكما رأت أن ما تمثله أموال الوقف كأداة قوية ومرنة لمعالجة أزمة اللاجئين من خلال وسائل اقتصادية متنوعة، وعملت مع أوقاف الشركات مثل مؤسسة ايكيا IKEA، ومؤسسة سيتي Citi، ومؤسسة إتش آند إم H&M Foundation، من بين آخرين، لتلبية احتياجات اللاجئين في مختلف بلدان الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، وعمل الوقف على التخفيف من حدة أزمة اللاجئين.
ومؤخرا، قامت الأمم المتحدة في المملكة العربية السعودية والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص (ICD) بإطلاق ورقة بحثية حول «دور الأوقاف في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية 2030».
وضعت الدراسة لتقدير المساهمة المحتملة التي يمكن أن تقدمها الأوقاف في المملكة العربية السعودية في تمويل برنامج التحول الوطني (NTP) وأهداف التنمية المستدامة، وقدمت توصيات قابلة للتنفيذ لأصحاب المصلحة في الأوقاف للمضي قدما في مواءمة هذا القطاع ولتعزيز دوره وتأثيره مع برنامج التحول الوطني وأهداف التنمية المستدامة.
منذ بدايات التاريخ الإسلامي، ساهمت مؤسسة الأوقاف في إحداث تغيير اقتصادي واجتماعي، وهي مؤهلة للعب دور جديد وملح، خاصة ما يمتلكه الوقف من ميزات مقارنة بأدوات التمويل الإسلامي الأخرى كالزكاة والصدقة، كما أنه يعمل كأداة استثمارية ويضاعف التأثير الاجتماعي للأموال التي يتم الحصول عليها.
[email protected]