لا شك الآن أن روابط ومنصات التبرعات الإلكترونية وأدوات التسويق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي قد أصبحت تصل إلى الأفراد في مختلف أنحاء العالم، مع تسهيلات الدفع الإلكترونية سواء من خلال بطاقة الفيزا أو الروابط أو التحويلات أو Pay Pal وغيرها، وأصبحت عملية التنافس على الحصول على حصة من تبرعات عبر الحدود أسهل من ذي قبل، فحتى الماضي القريب، كانت هناك صعوبات كبيرة في هذا الأمر بحكم القيود المفروضة على تدفقات الأموال والتبرع لجهة غير محلية.
فعلى مستوى الكويت والتي تمتاز بهامش حرية أكبر من غيرها، حظر القانون على الأفراد إرسال مساهمات مباشرة عبر الحدود، أما المؤسسات الخيرية الكويتية، ففي وسعها إرسال مساهمات إلى المنظمات الخيرية في الخارج، ولكن فقط إذا كانت معتمدة ومسجلة في منظومة وزارة الخارجية الكويتية.
ليس هذا فقط، ولكن على الجمعية الخيرية الكويتية تقديم تقرير إلى وزارة الخارجية يوضح حجم وتفاصيل المساهمات التي سيتم إرسالها إلى الخارج، كما أن هناك عدة إجراءات يجب اتباعها في هذه الحال، مثل الحصول على موافقة وزارة «الشؤون الاجتماعية والعمل» على المشاريع وتحويل الأموال إلى الجهة الخيرية، ويتم تدقيق الطلبات للتأكد من أن الجهة التي تتلقى المساهمات معتمدة من وزارة الخارجية، ثم يتم إصدار الموافقة على تحويل الأموال.
وكانت هذه الإجراءات تفسر من قبل البعض بأنها لحماية العمل الخيري الكويتي من المخاوف المتعلقة بغسيل الأموال من جهة وتمويل الإرهاب من جهة أخرى وغيرها من الأمور غير المشروعة.
وفي المقابل، لم يكن بوسع المؤسسات الخيرية الكويتية الخاصة تلقي مساهمات مباشرة من الخارج إلا في شكل تحويلات رسمية، وبموافقة رسمية من السلطات الكويتية، وهو أمر كان نادرا بصورة عامة بسبب الوفرة المالية في الكويت.
ثم جاءت هذه الوسائل الجديدة لتتجاوز كل هذه القيود وتقلب معادلة التبرعات عبر الحدود، وهو ما يعني أن الجهات المحلية داخل الدولة بات بإمكانها تلقي التبرعات من الخارج، وأن الجهات في الخارج كذلك بات بمقدورها أن تأخذ حصة من تبرعات المتبرع الخليجي وهو داخل بلاده.
وفي ظل هذه التغيرات اقتنصت المنظمات الدولية الفرصة وباتت لها حصة من خير المتبرع الخليجي وتركت بعض الجهات المحلية لتحاول أن تفسر نقص تبرعاتها المحلية دون الالتفات إلى هذا العامل الهام.
تمثل تجربة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNCHR تجربة مميزة في هذا السياق، وكان آخر نشاطاتها في هذا الإطار قبل شهور في حملة «لنجعل شتاءهم أدفأ» لدعم اللاجئين السوريين، والتي روج لها اليوتيوبر حسن سليمان المعروف بـ «أبي فلة» خلال 11 يوما من البث المتواصل، التي استطاعت أن تجمع 11 مليون دولار أميركي، وكما انتهجت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونسيف» تجربة مشابهة، والتي بلغ حجم التبرعات غير الحكومية لها في عام 2021 من تبرعات ومساهمات الشركات والمؤسسات والأفراد 26.5 مليون دولار، تشكل ما نسبته 23% من مجمل الدعم القادم من منطقة الخليج والبالغ 114.6 مليون دولار أميركي.
فضلا عن روابط التبرعات التي تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي باستمرار سواء من منظمات أممية أو جهات خارج الحدود لاستهداف المتبرعين بمختلف فئاتهم من خلال كبسة أزرار خلال ثوان معدودة!