بعد تصنيفه وباء صحيا من منظمة الصحة العالمية، وبما اعتبره البعض أنه أكبر كارثة صحية تواجهها البشرية في الجيل الحالي، أصبح فيروس كورونا، حديث العالم ومستنفرا الحكومات والهيئات الصحية الوطنية والدولية، بل وكذلك المؤسسات البحثية، ومنها تلك المعنية بقياسات الرأي العام!
منذ تفشي الوباء توالت استطلاعات الرأي حوله في العديد من دول العالم، وقد تناولت هذه الاستطلاعات محاور عدة بشأن الفيروس مثل الوقاية منه والإجراءات الاحترازية والتعامل معه والتوقعات المستقبلية له، والتي سنعرض لبعض منها هنا.
طرح استطلاع Brandwatch Qriously، أجري في المملكة المتحدة بين 27 و29 فبراير الماضي، سؤالا عن مدى الاهتمام بفيروس كورونا، فتبين أن 56% من المستجيبين هم بين مهتمين ومهتمين جدا، وعند طرح سؤال عن إلى أي مدى يرى المواطنون في بريطانيا أن فيروس كورونا وباء، تبين أن 59% من المستجيبين يرون أنه بين احتمال مرجح واحتمال كبير، بما يعكس ارتفاع مستوى قلق البريطانيين حول تفشي الوباء.
وفي إطار الاحتياطات التي يتخذها الأفراد للوقاية من كورونا، طرح الاستطلاع عدة خيارات أمام المستجيبين، فتبين أن 62% يقومون بغسل اليدين بالماء والصابون، و49% يلجأون الى استعمال معقم اليدين، وهي نسب تدل على ارتفاع الوعي العام بضرورة وكيفية الوقاية من الوباء! كما وردت إجراءات أخرى في إجابات الناس، مثل تجنب تجمعات الناس الكبيرة او مواقع معينة 28%، الغاء او عدم حجز الرحلات 21%، وضع كمامة الوجه 10%، العمل من المنزل 9%، تخزين الطعام واللوازم المنزلية 8%، تخزين الأدوية والمستلزمات الطبية 8%، إبقاء الأطفال في البيت بدلا من إرسالهم الى المدرسة 7%.
وإلى جانب ذلك، تناول الاستطلاع مسألة حساسة تنبأت بمشكلة اجتماعية واقتصادية وظيفية، وهي «في حالة من يتغيبون عن عملهم بسبب الحجر الصحي أو العزل الذاتي، هل يجب أن يدفع لهم مستخدموهم» حيث كانت أغلب الإجابات وبنسبة 70% نعم، وهذا متوقع بالطبع حيث ان أغلب الناس هم ممن يعملون وليسوا أصحاب أعمال.
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا الاستطلاع قد سبق التطورات الأخيرة في انتشار الوباء في المملكة المتحدة، وخطاب المصارحة المتشائم الذي وجهه رئيس الحكومة البريطانية، بما يدفع الى توقع ارتفاع النسب السابقة في حال إجراء استطلاع جديد!
كانت الثقة بالإجراءات الحكومية الوطنية لمواجهة الوباء، من ضمن ابرز المحاور التي تناولتها استطلاعات الرأي في عدد من الدول، فكان استطلاع غالوب Gallup في الولايات المتحدة في منتصف فبراير الماضي، والذي اظهر أن 77% من الأميركيين يثقون في قدرة الحكومة على التعامل مع فيروس كورونا، وهي نسبة تبدو مرتفعة مقارنة بتلك التي أظهرها استطلاع مركز نوفوس لصالح التلفزيون السويدي أوائل الشهر الجاري، حيث تبين أن 63% من السويديين هم ممن يثقون أو يثقون بدرجة عالية في الحكومة.
على حين بدا الألمان أكثر تشاؤما، ففي الاستطلاع الذي أجراه معهد فورس وصف 43% فقط من المستجيبين طريقة أداء الحكومة ككل في مواجهة كورونا بالممتازة أو الجيدة، وتعكس هذه النسب الى حد بعيد تصاعد القلق الشعبي من استمرار تفشي الوباء!
وعربيا، اظهر استطلاع الجامعة الأردنية، الذي اجري أوائل الشهر الجاري، أن 31% من المستجيبين راضون بدرجة كبيرة، و40% بدرجة متوسطة عن مستوى التدابير والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة والمؤسسات المعنية للحد من وصول فيروس كورونا، كما أفاد ثلثا المستجيبين بأن كورونا لم يؤثر في نمط تعاملاتهم الاجتماعية من حيث المصافحة والتواصل المباشر مع الآخرين! ولكن تبقى الأردن من الدول التي لم يعايش سكانها هلعا من إصابة واحدة مقارنة بغيرها من الدول المجاورة.
وفي الكويت التي شهدت أكثر من 100 حالة مصابة، مع إجراءات احترازية صارمة، وأغلقت المؤسسات الحكومية والخاصة والمساجد والحدائق، يتم حاليا إجراء استطلاع للرأي من مركز عالم الآراء بالتنسيق مع منظمة غالوب العالمية (Gallup International)، ويتناول أبرز انطباعات المجتمع الكويتي ومخاوفه وتوقعاته حول الوباء، والرضا عن الجهود الحكومية لمواجهته، والإجراءات الوقائية للحماية منه واستشراف رأي أفراده لمستقبل الوباء.
قد تعكس هذه الاستطلاعات مواكبة بعض الجهات البحثية في قياس الرأي العام للأحداث، ولكن في وباء فيروس كورونا، يبدو أنه يسبقها، وستكون هناك أرقام متجددة ممتدة متشائمة يصعب الإمساك بها تماما كما هو الفيروس!