كنت قد توقعت قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية 2016، بخمسة أشهر، وتحت عنوان «السخرية من ترامب ولكنه قد يصبح رئيسا لأميركا»، أن ترامب غالبا سيكون الفائز، على الرغم مما شهدته من توقعات معاكسة وسخرية مباشرة أثناء زيارة لعدة ولايات أميركية، حينها كانت هناك عدة عوامل تبرر هذا التوقع، منها: استخدام ترامب الاحترافي لوسائل التواصل الاجتماعي لدرجة التأثير على خصومه، وتركيزه على الولايات الكبيرة، وضعف منافسته، وإتقانه للغة الخطاب مع فئة الناخبين الجدد من الشباب البيض، إضافة إلى وجود فئة خجلت من الإعلان عن دعمها لترامب، وهم من يعرفون بـ Trump’s Shy voters، والذين رفضوا التعاون مع شركات استطلاعات الرأي، وكان ضعف استجابتهم من أهم الأسباب في فوز ترامب كما بينت في مقال منشور على موقع الجزيرة نت بعنوان: «لماذا أخطأت استطلاعات الرأي بانتخابات أميركا؟».
قبل الانتخابات لم يكن من السهل، للمنتمين لهذه الفئة، إظهار دعمهم لترامب في الاستطلاعات الهاتفية، بسبب الصورة التي رسمت له، في أذهان الكثيرين، كمعاد للأقليات والمسلمين والنساء والمهاجرين، لكن عقب فوزه، بادر كثير من هؤلاء للإعلان صراحة عن دعمهم لترامب وتأييدهم له في مواقفه المختلفة، سواء فيما يتعلق بدعمه للكيان الصهيوني، بالاعتراف الرسمي بالقدس عاصمة للكيان، وفرض صفقة القرن، أو انحيازه للبيض والمسيحيين الإنجيلين، أو في سوره الحدودي مع المكسيك للحد من تدفق المهاجرين، وحربه التجارية مع الصين فضلا عن قضايا داخلية عديدة!
لكن الجدل المستمر حول سياساته، والمواقف المحرجة التي وقع فيها، والشروع في الإجراءات الدستورية لعزله حتى وإن لم يتحقق، مرورا بإدارته السيئة لأزمة كورونا، وصولا إلى إعلانه العداء للأميركيين الأفارقة، ودعمه للعرق الأبيض وغطرسته، ووصفه للمحتجين بالبلطجية، وتحريضه على قتلهم، في الأزمة الأخيرة، عقب مقتل جورج فلويد، والتي كشفت حجم العنصرية المتجذرة في المجتمع الأميركي، وميل إدارته إلى المغامرات، وتبني شعار «أميركا أولا»، في نهج أحادي عدائي لا يراعي مصالح الآخرين!
كل ذلك أدى إلى انخفاض الدعم الذي يحظى به ترامب من الجمهور الأميركي، وهو ما كشف عنه استطلاع غالوب «Gallup» الأخير، حيث بلغت نسبة الرضا عن الأداء العام لترامب 39% فقط، وعن أدائه الاقتصادي 47%!
ورغم أن قرارات ترامب السياسية في التعامل مع الصين وكوريا وقضايا أخرى قد لا تحظى بشعبية كبيرة، إلا أن قراراته الاقتصادية وخطابه الشعبوي يبقيان الأهم والأكثر تأثيرا في مجتمع الناخبين الأميركي، بما قد يرجح كفة فوزه، وزيادة حظوظه في ولاية رئاسية جديدة تستند الى قوته الحالية في السلطة حتى لو قلت نسبة الخجولين من دعمه!
[email protected]