لعل من أبرز معالم عهد الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، والذي امتد 14 عـــاما، ذلك التقدير والدعم والاهتـــمام بالعمل الخيري الكويتي، واعتباره شريكا في التنمية وظهيرا لسياسة البلاد الخارجيــة وبناء العلاقات مع الدول الأخـــرى، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في ارتقاء العمل الخيري الكويتي مؤسسيا وتنظيميا، وانتشاره عالميا، واكتسابه التـــقدير الدولي الذي توج عام 2014 بتـــسمية الأمم المتحدة للأمير الراحل كقـــائد للإنســـانية وتسمية الكويت كمـــركز عالمي للعمل الإنساني.
وقد تجلى دعم الأمير الراحل للعمل الخيري الكويتي في مظاهر عدة، فقد سهلت الحكومة الكويتية، وبتوجيهاته، عمل الجمعيات الخيرية الكويتية ومنحتها الحرية في جمع التبرعات وتوجيهها في الداخل والخارج، ضمن منظومة من التشريعات الضابطة التي هدفت إلى تنظيم العمل الخيري الكويتي، وحمايته.
وعلى صعيد الداخل الكويتي شـــهد عهد الراحل انخراط الجمعيات الخيرية الكويتية، وبفعالية، في تحقيق التنمية، وكفالة ورعاية الفئات الأقل حظا في المجتمع الكويتي، ووصلت مساهمتها إلى ما يقدر بـ 182 مليون دولار سنويا، ودشنت شراكة قوية مع الجهات الرسمية لمواجهة الأزمات الطارئة التي تواجهها الكويت، والتي تجسدت مؤخرا في دور الجمعيات الخيرية الكويتية في مواجهة جائحة كورونا العالمية.
وعلى صعيد العمل الخيري الكويتي الموجه للخارج، وجه الراحل وزارة الخارجية والسفارات الكويتية في دول العالم، إلى توفير الدعم والتسهيلات لعمل الجمعيات الخيرية الكويتية، ومنحها أقصى ما هو ممكن من الحرية في اختيار المشاريع ووجهاتها، فلم تتدخل الأجهزة الرسمية الكويتية في عمل الجمعيات الخيرية إلا بحدود توجيهات غير رسمية وغير ملزمة، وانعكس ذلك في الدور الكبير للجمعيات الخيرية الكويتية، في أنحاء مختلفة من العالم، في تخفيف المعاناة عن الملايين من المتضررين جراء الحروب والكوارث، وقفز حجم العمل الخيري الكويتي الخارجي ليصل حسب بعض التقديرات إلى مليار دولار سنويا.
كما أخذ الراحل زمام المبادرة، فبادر إلى رعاية أربعة من المؤتمرات الدولية للجهات المانحة لإعمار العراق وإغاثة سورية، كما رعى المبادرات العالمية التي قامت بها بعض الجمعيات الخيرية الكويتية، مثل مبادرة «إطعام مليار جائع» التي أطلقتها الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية قبل عامين.
لقد وصف الأمير الراحل العمل الخيري الكويتي مرارا بأنه تاج على الرؤوس، وإن الوفاء لذكراه وما قدمه لدعم العمل الخيري الكويتي واكتسابه لمكانة دولية مرموقة، يقتضي من جميع الأطراف، أجهزة رسمية ومؤسسات خيرية، العمل على المزيد من التطوير والارتقاء بالعمل الخيري الكويتي، تشريعيا وتنظيميا ورقابيا، بما يحفظ للكويت مكانتها كمركز عالمي للعمل الإنساني.
[email protected]