يقول الإمام الغزالي رحمة الله «مفتاح السعادة التيقظ والفطنة ومنبع الشقاوة الغرور والغفلة»، فالغرور بالنفس من أرذل الطباع المشينة ببني البشر ودلالة على القلب الغافل العمي، والغرور أنواع وأشكال بين البشر وأكثرها انتشارا هو ظنهم بأنفسهم الخير وهم مخطئون فيه، وهذا ما سأركز عليه في مقالي هذا لكونه أصبح ثقافة مغروسة في أنفسنا دون أدنى علم بالشيء يرقينا لنفسيات أفضل، على سبيل المثال كقول «نحن نمتلك من الأخلاق ما لا يمتلكه غيرنا» أو مدح الطباع ومقارنته باحتقار أطباع الآخرين، فتلك المقارنات تنم على النقص والبعض من العلماء وصفها بالحماقة.
يقول الله عز وجل في محكم كتابه (يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور - فاطر: 5) فحياة الدنيا غرور، وغرور العبد بضمانه الجنة دون حساب ولا عقاب وغفران خطاياه بردا وسلاما، فهذه مصيبة العبد، فسيدنا نوح عليه السلام عندما أراد أن يصطحب ابنه العاق (ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين)، فرد الله عليه بكلمات، قال تعالى: (قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين - هود: 45-46)، فالله عز وجل غفور رحيم ولكنه شديد العقاب، ومن ينجي الله؟ من آمن بأن قمة الأخلاق أن تبتعد عما يؤذي من حولك بالقول والفعل وأن تحب لغيرك ما تحبه لنفسك والبعد عن الغرور بالنفس والذي هدفه السخرية من الآخرين، فإن للنفس البشرية مكانة عظيمة عند الله عز وجل فقتلها شيء عظيم وجرحها بالقول والفعل كقتلها، ولو تفكرنا في جميع التشريعات لوجدنا أن هدفها سعادة النفس من خلال إنصافها، فالإنسان المغرور يؤذي من حوله بالمقارنة الناقصة.
ويقول نبينا الكريم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، والغرور دليل النقص فيجب علينا كمسلمين أن نرتقي بغرس التواضع المثمر في أنفسنا وأبنائنا بعيدا عن التواضع العقيم خلف قضبان الجهل.
وأختتم مقالي بأقوال المفكرين منها «العجب عنوان الحماقة» - «إعجاب الإنسان بنفسه دليل على صغر عقله» - «المغرور ديك يعتقد أن الشمس تشرق كل صباح لكي تستمتع بمهارته في الصياح».
family_sciences@