نعشق نحن البشر نظريات المؤامرة سواء السياسية او الرياضية او حتى الاجتماعية. نعشق فكرة وجود سلطة عليا تتحكم في الأمور وتحتفظ بالأسرار بينما نظل نحن تائهين في الظلام. فأغلبنا متيقن أن الأميركيين لم يهبطوا على سطح القمر في عام 1969 وكل ما شاهدناه من مقاطع البث الحي كان مجرد خدعة سينمائية من إنتاج عباقرة هوليوود. نعم نحن نعلم أن من قتل الرئيس كنيدي الاستخبارات الأميركية وأن من قتل ديانا أميرة الشعب الاستخبارات البريطانية وبعضنا يجزم بأن هتلر نجا من الحرب العالمية الثانية. نعم نحن نعلم أن «فيفا» تتحكم في نتائج كأس العالم وهي من زيفت نتائج فحص الأسطورة مارادونا ليتم طرده من البطولة في 1994. قد تكون بعض هذه النظريات مشهورة عالميا ولها بعض الأدلة وإن كانت أغلبها فرضية ولا تستند إلى وقائع واضحة. ولكن في الفترة الأخيرة بدأت تنتشر نظريات مؤامرة أقل ما يقال عنها بأنها غبية.
ففي شهر رمضان الماضي ظهرت لقطة غريبة على شاشة تلفزيون «mbc» أثناء عرض أحد مسلسلاتها الشهيرة حيث كانت اللقطة عبارة عن امرأة تتكلم بلغة أجنبية وتخاطب الجمهور مباشرة بأن قومها أتوا بسلام وأنه لا داعي للخوف منهم. ثم استمر العرض وكأن شيئا لم يحدث. وعوضا أن نفكر في أن الأمر مجرد دعاية لمسلسل تلفزيوني بعنوان v تنوي القناة عرضه، تناقلنا الخبر بأن الموساد الإسرائيلي اخترق قناة mbc ودليلنا أن ملامح المرأة كانت إسرائيلية. ولماذا ملامحها إسرائيلية؟ لأن لون شعرها أسود. وأغلبنا سمع نظرية أن اسم شراب البيبسي اللذيذ هو اختصار لجملة باللغة الإنجليزية «ادفع كل فلس لإنقاذ إسرائيل». ولا يعرف من ألّف هذه النظرية الغبية بأن اسم بيبسي مشتق من إنزيم يساعد على الهضم يسمى بيبسن حيث ان مخترع الشراب في أواخر القرن التاسع عشر كان صيدلانيا وأراد أن يطور شرابا لذيذا ومفيدا لعسر الهضم. حتى الأميركيين لم يسلموا من عدوى نظريات المؤامرة ففي إحصاء مؤخرا عن الرئيس أوباما يعتقد 18% من الشعب الأميركي بأنه مسلم متخف بينما يعتقد بعضهم بأنه المسيح الدجال. ورغم أن أغلب هذه النظريات مضحكة ومسلية إلا أنه يجب علينا أن نحذر الانسياق وراء فكر «نظرية المؤامرة» الذي يجنبنا مواجهة الحقائق ويجعلنا نفكر بشكل غير منطقي. فبعضنا وللأسف متيقن أن الحكومة الأميركية هي وراء أحداث سبتمبر 2001 ويعلنها بكل فخر من دون مراعاة شعور ضحايا هذه الأحداث، فتخيل أخي القارئ ماذا ستكون ردة فعلك كمواطن كويتي إذا سمعت نظرية المؤامرة التي تقول ان الحكومة الكويتية كانت وراء الغزو العراقي للكويت في 1990 وذلك للتخلص من الجالية الفلسطينية؟ ماذا ستكون ردة فعلك إذا كنت من أهالي الشهداء عليهم رحمة الله وأنت تسمع مثل هذه الخرافات؟ تفكر مليا قبل أن تؤيد نظريات المؤامرة بطريقة غير عقلانية وأذكرك بنظرية أوكام التي تقول «أبسط شرح لمسألة عادة ما يكون هو أصح شرح».
[email protected]