أثناء دراســتي البكالوريوس في الولايات المتحدة، نــظم الطــلبة الكــويتيون في جامعتي يوما احتفاليا بمناسبة الأعياد الوطنية لنشر صورة مشرفة عن الكويت بين الطلبة الأميركيين والأجانب هناك، حيث وضع الطلبة صورا عن الكويت وملصقات بالإضافة إلى رفع علم الكويت بجانب العلم الأميركي. وكان التفاعل من الطلبة الأميركيين مميزا ولكن حدث لنا موقف غريب حين أتت طالبة أميركية وأشارت إلى الأعلام وقالت باللغة الإنجليزية: «هذا علم بلدي». وظن بعض الطلبة الكويتيين أنها تعني علم الولايات المتحدة ولكن الطالبة قالت: «أنا أعني علم الكويت، هذا علم بلدي». وشرحت لنا الطالبة أن والدها كويتي وذكرت اسمه واسم عائلته وأنه كان طالبا في الولايات المتحدة وتزوج والدتها وبعد ولادتها بسنوات قليلة وبعد تخرجه من الدراسة، قام بتطليق والدتها ورحل عن الولايات المتحدة ولم يرجع منذ ذلك اليوم. وتقول الطالبة الأميركية ـ الكويتية إنها لا تعرف عن الكويت إلا القليل ولا تتكلم اللغة العربية ولكنها فخورة بموطنها وبلدها.
تذكرت هذه القصة، ولدي العديد منها بحكم قضائي فترة تزيد على الـ 10 أعوام في أميركا، بعد أن قرأت ما نشرته بعض الصحف عن نية وزارتي العدل والشؤون تشكيل لجنة للبحث عن الكويتيين مجهولي الهوية وهم أشخاص يدعون أنهم أبناء مواطنين كويتيين ولدوا في الخارج، هذه اللجنة ستواجه العديد من المشاكل حيث إن الآباء الذين أنجبوا أطفالا في الخارج ولم يبلغوا عنهم، فعلوا ذلك متعمدين وآملين ألا يأتي هذا اليوم الذي يطالب ابنه بجنسيته وحقوقه الأسرية والمالية. لذا لن يفتح هؤلاء الآباء أبوابهم لأبنائهم ولن يستضيفوهم بالحب والعناق، بل ستحدث مشاكل أسرية وتعقيدات مالية خصوصا إذا كان الأب متوفيا وترك إرثا ماليا ضخما.
ولا أهدف إلى المطالبة بمنع اللجنة من تأدية عملها، بل على العكس، فمن يثبت أنه ابن مواطن كويتي فله حقه في المواطنة والإرث وغيرها من الأمور، ولكنني أتمنى أن تدرك اللجنة، شاءت أم أبت، أنها ستخلق العديد من المشاكل الأسرية لذا فلتعمل وفق خطة واضحة ومدروسة مع وجود استشاريين نفسيين وقانونيين. ورسالة أوجهها لمن أنجب ابنا أو ابنة في الخارج، ابحث عنهم فلا تظن أنك لن تُسأل عن فعلتك يوم القيامة وعن دورك في تربية ابنك وابنتك. «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته». والله ولي التوفيق.
[email protected]