تستر الفاتيكان على السلوك المشين لبعض كهنته ومواقفه المتناقضة مع صريح المعتقدات المسيحية لايزالان يتسببان في فقدان الثقة به كمؤسسة دينية لدى الغالبية من المسيحيين. فمنذ عدة قرون ومن أجل استعادة بيت المقدس موطن المسيح عليه السلام، سير الفاتيكان حملاته الصليبية باسم الرب وارتكب من أجل ذلك أبشع الجرائم في حق المسلمين من سكان تلك البقعة المباركة، لكنه بعد ان استولى عليه تراجع عن المطالبة باسترجاعه بعد هزيمة قواته على يد القائد المجاهد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله. وبعد استيلاء اليهود على فلسطين بدعم من القوى الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا لم يتردد الفاتيكان في الاعتراف بدولة إسرائيل التي تحتل بيت المقدس ثم قام بإصدار وثيقة تبرئة اليهود من دم المسيح عليه السلام في تنازل صريح عما كان يدعيه من حق تاريخي يخص المسيحيين في القدس وعما كان يتخذه من موقف معاد لليهود.
ولعل ما زاد من تنامي اهتزاز الثقة في الفاتيكان ما تتناقله وسائل الإعلام هذه الايام من فضائح تتعلق بالاعتداءات الجنسية على الاطفال المتورط فيها جمع كبير من الكهنة الكاثوليك في ايرلندا والدنمارك وهولندا والولايات المتحدة الاميركية التي ظل الفاتيكان يتستر عليها منذ وقت طويل حتى يحافظ على مكانته المقدسة امام اتباعه ولولا الدعاوى التي رفعها اولياء امور الضحايا من الاطفال لظلت تلك الجرائم التي تعد بالآلاف طي النسيان. وتشير وثائق كنسية كما افادت بذلك صحيفة «نيويورك تايمز» الى ان البابا الحالي بنديكتوس قبل توليه كرسي البابوية وعندما كان عضوا في مجمع عقيدة الايمان ومسؤولين آخرين في الفاتيكان تستروا على جرائم جنسية اعتدى فيها كاهن أميركي هو الأب لورانس مورفي على 200 طفل أصم في ولاية ويسكونسن. لا نستغرب إذن عندما يفر المواطن الغربي من التعاليم المسيحية التي لم يحترمها أرباب الكنيسة ويبحث عن عقائد أخرى يلوذ بها ويشبع حاجته الفطرية منها. لا شك أن تلك الجرائم الجنسية هي نتيجة مباشرة للكبت الجنسي الذي يفرضه نظام الرهبنة الصارم على الكهنة المسيحيين وهو سلوك مناف للفطرة الانسانية أوقعهم في المحظور ليصدق عليهم قول الله تعالى (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ـ الحديد 27).