ترك كثير من المسلمين أوطانهم واستقروا في أوروبا وفي الولايات المتحدة وكندا وأستراليا كمهاجرين، لأسباب تتعلق بالأوضاع السياسية في بلادهم خاصة في فترة الانقلابات الأنظمة العسكرية الشمولية التي لا تحترم حق الإنسان في حياة كريمة، أو بسبب البطالة وتدهور مستوى المعيشة، مما يدفع بالإنسان إلى البحث عن مصادر رزق يواصل فيها حياته المعيشية، أو لطلب العلم. وقد انخرط المسلمون المهاجرون في الحياة العملية الجديدة وقدموا خدمات جليلة لموطنهم الجديد وشغل بعضهم مناصب سياسية رفيعة كما برز من بينهم الأطباء وكبار الجراحين والمهندسون والخبراء والعلماء كفاروق الباز مدير معهد أبحاث الفضاء في الولايات المتحدة سابقا، وأحمد زويل الذي حاز جائزة نوبل في الكيمياء، هذا عدا ما يشغلونه من وظائف أخرى في مختلف الميادين العملية.
ومع كل هذه الخدمات الجليلة التي يقدمها المهاجرون المسلمون هناك إلا أن السلطات الغربية تبدو غير مرتاحة من عدم اندماجهم اندماجا تاما في مجتمعاتها وقد ظهر هذا الموقف جليا في صدور حكم المحكمة الأوروبية يحظر فيه ارتداء الحجاب على الموظفات المسلمات في القطاع الخاص وهو حكم يمكن أن يفسر كمحاولة دمج قسري للمسلمين في المجتمعات الغربية تضاف إلى جملة ما يتعرضون له من مضايقات وتشهير من قبل المتطرفين والأحزاب اليمينية التي جعلت من الإسلاموفوبيا شعارا انتخابيا تنافس فيه الأحزاب الأخرى، رغم أن هذا التشهير يصنف كجريمة في تلك الدول لأنه يوظف في نشر الكراهية ضد الآخرين لكن ازدواجية المعايير لدى تلك الدول جعلتها تتعامل مع التشهير كما لو أنه وسيلة من وسائل حرية التعبير ككاريكاتير شارل ايبدو سيئ الصيت. هذه الكراهية تجاه الجاليات العربية والمسلمة أشار إليها أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وأراد أن يذكر بها القادة العرب في كلمته التي ألقاها في قمتهم الـ 28 «أن الجاليات العربية والمسلمة تواجه اليوم موجة من الكراهية في أنحاء العالم بسبب أفعال داعش على أنها من الإسلام رغم أنها لا تمت إلى الإسلام بشيء» لكن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تنقصها الحكمة عندما اعتبرت مرتكب العمل الإرهابي في لندن البريطاني أدريان راسل (خالد مسعود) كان متأثرا بالأيديولوجيا الإسلامية!
لن تشفع بعد اليوم للمهاجرين المسلمين خدماتهم الجليلة في مجتمعاتهم الغربية كما لن يخفف على اللاجئين المسلمين معاناتهم من ويلات الحرب في أوطانهم بعد وقوف الحكومات الغربية مع الحكومات القمعية ضد تطلعاتهم نحو الحرية والذي يبدو أن قدر المسلمين اليوم أن تلاحقهم المعاناة داخل أوطانهم أو خارجها وأن يعيشوا غرباء بين شعوب العالم.
***
مرت جريمة سقوط مئات القتلى وغيرهم من الجرحى المدنيين في غرب الموصل بعد غارات التحالف الدولي على مساكنهم مرور الكرام دون أن تشعر الحكومة العراقية بأي حرج ويبدو أن حياة البشر أضحت رخيصة لديها. فأين هي الأسلحة عالية الدقة والمعلومات الاستخبارية الدقيقة التي تجنب المدنيين هذه المجازر العسكرية؟ وكم سيصل عدد القتلى من المدنيين حتى يتم تحرير الموصل ليصبح الجيش العراقي ورديفه الحشد الشعبي (الشيعي) أبطال المعركة؟
***
هجوم المعارضة السورية المباغت على ميليشيات النظام الطائفي السوري في قلب أحياء دمشق وتحريرهم مواقع عديدة كانت تحت سيطرته وقتلهم وأسرهم العشرات من ميليشياته المرتزقة كان ضربة موجعة له، الأمر الذي بدد أي أمل لديه في السيطرة على الساحة السورية ولا مفر أمامه غير الحل السياسي ومغادرته السلطة.
***
القمة العربية الـ 28 أو قمة البحر الميت لن تكون أفضل حالا من سابقاتها، فالخلافات العربية لا تبشر بخير والظروف التي تمر بها منطقتنا العربية هي نتاج مباشر لهذه الخلافات التي أصبحت مرضا مزمنا عصيا على العلاج ويؤرق كل مواطن عربي.