طلال الهيفي
لم تستطع سلطة الرقيب ان تقف عائقا امام هيمنة التطور التقني وعالمه الكبير والذي بات وسيلة للهروب من القوانين والقيود البشرية الآنية، فــقد منحــت هذه الثورة الالكترونية هبة لكل ناشط وصاحب رأي وفنان من عرض ابداعه وفكره بعيدا عن مقــص الرقيــب ومزاجــيته ولتصــبح بعد ذلك مرحلة من مراحل الفكر السابق الذي بدأ ينــقرض مع تنــامي العولمة، فمــنذ ايام مضــت تم تسريب مسلسل «اسد الجزيرة» الذي يسرد حيــاة الشيخ مبارك وكيف ان هذا العــمل قد تم حجبه عن المشـــاهدين لدواع ســياسية مــما اضطر لمنعه وعدم عرضه تحاشيا لما ستؤول اليه الامور، وبما ان كل ممنوع مرغوب فقد تمكنت من الحصول على هذه النسخ ومشاهدة هذا العمل الفنــي الجمــيل الذي حــاك مرحلة مهــمة من بناء الكويت بشكل درامي شيق عبر شخوص اتقنت ادوارها بعيدا عن الاســـفاف والمبالغة، وكيف استطاع المؤلف ان يراعي الاشكالات التي صاحبت هذا العــمل من دون ان يؤثر على الحبكة الرئيسية مع المحافظــة على الخــطوط الرئيسية للبناء الدرامي والسرد الفني بطريقة تاريخية ثرية توثق حياة اهل الكويت في تلك الحقبة عبر تقديم عمل كان سيكون له شأن في حال عرضه، الا ان تجاهل الحقيقة كان له عظيم الاثر في طمس هذا العمل الناجح وتحقيق انجازه بسبب محاربته من نــفر لم يتكفلوا حتى عناء مشاهدته لكي يقرروا اذا كــان هذا العمل فيه تجن على شخوص تاريخية ام انه يعرض الحقــيقة مما اضطر المنــتج بعد الالحاح عليه من احدى الجهات الى وأده وهو في مهده، ومـــن ثم بعد عام من ايقافه نجد ان العمل بجميع حلقــاته قد تــم تسريبه في المواقع الالكـــترونية مع انكار منتــجه الى الآلية التــي تم بها وصــول النسخ المذكورة لتلك المواقــع، ليتم مشــاهــدته في جمــيع انحـــاء العالم بعيدا عن القيــود الذاتــية، مرحلة ابتكــارية جــديدة تطــل علينا من خلال الابداع التقني الكبير الذي يهيئ لنا حرية خصبة بعيدا عن القوانين التي تحد من هذه الابداعات الانسانية، فمتى ستتعلم هذه العقليات ان عالم اليوم ليس كما هو عالم الامس.