يحاول البعض أن يصور ما يحدث اليوم من متغيرات سياسية بأنها تشبه أحداث 1976 و1986 و1990م، عندما ولد المجلس الوطني، لكن في الحقيقة أن هذه الحقبة لا تشبه سابقاتها، وسياسيا ليست بالقدر السيئ الذي تحاول المعارضة الترويج له، نعم نحن أمام مفترق طرق ومتغير سياسي وأحداث تستوجب إعادة ترتيب الأوراق، ولكن الأمر سهل جدا وبسيط جدا، إذا ما تم الحد الأدنى من التعاون بين السلطتين على الأقل تحت قبة عبدالله السالم.
***
الأمر لا يتطلب من السلطتين سوى إبداء حسن النوايا من الطرفين، وليس هذا بالأمر الصعب، فالأمور مكشوفة ولا توجد أجندات سرية لأي طرف، والوضع واضح وضوح الشمس، وسياسيا لا توجد أشياء مخفية أو قد تظهر لاحقا، فكل الأوراق على الطاولة السياسية مكشوفة لا أسرار ولا مؤامرات، الأمر بحاجة إلى دفعة تعاون بسيطة بين كلتا السلطتين التنفيذية والتشريعية، المشكلة الوحيدة هنا بين السلطتين هي أزمة ثقة، وهذه لن تحل بهذه الطريقة القائمة، بل يمكن أن تعمق تأخير عقد نصاب الجلسات كما هو حاصل الآن، وهذا لا يفيد أيا من الطرفين بشيء، فكل طرف يتمسك بحقه في الانسحاب، في حين أنه في الواقع يجب على السلطتين العمل على الالتئام وليس العكس فهذا استهلاك غير مبرر للساعة الديموقراطية.
***
الحل يكمن في إيجاد نقاط التقاء والبدء انطلاقا من تلك النقطة، لا أحد يتحمل مسؤولية تعطيل العمل التشريعي وحده، الكل شريك في التعطيل، أكرر الكل شريك في التعطيل، والحل ببساطة هو بإيجاد ثغرة حوار بين الطرفين للاتفاق على نقاط التقاء ومن ثم البدء من عندها للانطلاق نحو العمل البرلماني كما يفترض أن يكون، أما وان العمل يسير «خبط عشواء» بين كلتا السلطتين وبتعمد وبتحد أحيانا، فهذا تعطيل متعمد لجلسات البرلمان وسرقة متعمدة للساعة الديموقراطية والكل شركاء، فهذا يؤجل وهذا ينسحب وهذا يعطل وهذا يعرقل، وهكذا نعيش في دوامة لا تنتهي لا طائل منها سوى تجاذب يمد أجل تعطيل عقد الجلسات وكما ذكرت سرقة متعمدة للساعة الديموقراطية.
***
من المسؤول عن هذا العبث؟ في الحقيقة، أن الجميع شركاء في هذه الحالة التي يجب أن تتوقف وتعود الساعة البرلمانية إلى العمل، فلا يعقل أن 24 ساعة من الديموقراطية ضائعة يوميا في سجال لا طائل منه ولا فائدة ترجى سوى محاولات إثبات مواقف تنتهي بانتهاء جلسة لم تعقد للأسف.
***
توضيح الواضح: العملية الديموقراطية الحقيقية تصحح نفسها بنفسها، وأعتقد أننا نعيش هذه الحالة الآن، وهذا المجلس ما لم يصحح مساره واستمرت دوامة العبثية السياسية من كلا الطرفين، فإننا قد نعيش فراغا دستوريا غير مسجل.
[email protected]