الشيخ خالد الخراز
يتميز المؤمن بسماحة النفس وهو هين لين يتقبل ما يجري به القضاء والقدر بالرضا والتسليم، ويحاول ان يجد لكل ما يجري به حكمة مرضية وان كان مخالفا لهواه ويراقب دائما قول الله تعالى: (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.. النساء: 19)، وهو من اجل ذلك يستقبل كل ما يأتيه من قبل الله- عز وجل- في غاية الرضا، ويلاحظ جوانب الخير في كل ما تجري به المقادير، وهو لذلك يترقب المستقبل بتفاؤل وامل كما يستقبل الواقع بانشراح لما يحب واغضاء عما يكره وبذلك يسعد نفسه ويريح قلبه، وهذا من كمال العقل، لأن العاقل هو الشخص الواقعي أي الذي يسعد نفسه وقلبه بالواقع الذي لا يملك دفعه او رفعه، ويعامل الناس بالتسامح لأنه لا يملك ان يطوع الناس جميعا لما يريد لأنهم مثله ذوو طبائع متباينة وإرادات مختلفة.
ومن ظواهر سماحة النفس: اولا: طلاقة الوجه واستقبال الناس بالبشر، وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم والشواهد في ذلك كثيرة، وثانيا: مبادرة الناس بالتحية والسلام والقول الحسن بالمحادثة وكل من يكون سمح النفس يبادر الى ذلك، وثالثا: حسن المصاحبة والمعاشرة والتغاضي عن الهفوات ايا كانوا اهلا او اصدقاء او غرباء، والتغافل وعدم تضخيم الامور.
ومن الوسائل الناجحة لاكتساب هذا الخلق الحميد ما يلي:
التأمل في الترغيبات التي رغب الله فيها من يتحلى بهذا الخلق، وتأمل الفوائد التي يجنيها سمح النفس في العاجل والآجل.
التأمل في المحاذير التي يقع فيها نكد النفس، وما يجلبه ذلك من مضار ومتاعب وخسائر مادية ومعنوية.
وقد تمثلت السماحة في تصرفات قادة الفتوحات الإسلامية من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وامرائه وولاته وتلاميذهم من التابعين وتابعيهم فقد كانوا احرص على الرفق والسماحة في تنفيذ العهود والمصالحات مما جعل المعاهدين والمصالحين يتعاونون مع المسلمين في صدق واخلاص، نتيجة لما رأوه من العدالة الرحيمة في معاملة المسلمين لهم.
وان تطبيق سماحة الإسلام من اعظم اسباب سرعة انتشاره، وفي هذه السياسة الحكيمة الرحيمة اوضح اجابة عن تساؤل المتسائلين عن اسباب السرعة الهائلة التي انتشر بها الإسلام، والسماحة محمودة في الفرد، وكذلك في الجماعة وهي مطلوبة من الجميع حاكما أو محكوما.
قال الشافعي:
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
ودافع ولكن بالتي هي أحسن