الإزعاج أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا شئنا أم أبينا، فهو ضريبة التطور والحياة المدنية المعاصرة وكلما سنحت لنا الفرصة هربنا لبقاع في الأرض أكثر هدوءا طلبا لراحة البال أو شيء من التركيز.
لكن ماذا لو كان المكان الذي تمكث به والذي يفترض به طابع الهدوء يقطع صفوه شخص مزعج، طبعا الإزعاج يكون مضاعفا في تلك الظروف ويكون أقل وصف لهذا الشخص، «مزعج للغاية» سواء كان الإزعاج بقصد أو بغيره!
أستذكر في إحدى السنوات أثناء وجودي في قاعة الاختبار في إحدى الدول الأجنبية تضايق أحد الطلبة الذي بدا متذمرا ومتوترا من زميل له أثار بعض الإزعاج قبيل بدأ الاختبار فطلب من مراقب الاختبار إسكات الجميع لتوفير مناخ ملائم للاختبار.
استجاب مراقب الاختبار لطلبه وأمر الجميع بالتزام الصمت إلى حين الانتهاء من الاختبار وما أن صمت الجميع وكأن على رؤوسهم الطير حتى استرسل بحديثه قائلا لا أذكر كم مضت من السنين التي كنت أراقب فيها الطلبة أثناء تأديتهم للاختبارات وأنا أتمتم إلى نفسي أو حتى أغني بصوت منخفض متعمدا دون أن يلحظوا ذلك، نعم كنت أتعمد ذلك في كل مرة!
أنا طبعا أفعل هذا لسبب وهو أنني قرأت في يوم ما إحدى الدراسات التي تؤكد عند وجود عامل تشتيت بسيط من غير قصد يساعد الطلبة على حل الأسئلة بشكل أفضل مما ينعكس بالإيجاب على محصلة الدرجات النهائية، وأنا لهذا الغرض أقوم بخلق بعض الإزعاج في كل اختبار لمصلحتكم، ولكن بما أنكم الآن عرفتم فحوى الخدعة التي كنت أمارسها، أقولها آسفا لن يكون لها أي مفعول هذه المرة وإن طبقتها كما اعتدت.
وبذلك خسر الطلبة وأنا منهم فرصة لجني عدد أكبر من الدرجات في هذا الاختبار ولكن الأمر الذي استثارني هو كما يوجد شخص مزعج للغاية يتعمد إيذاءك، هناك في الجهة المقابلة شخص مزعج لغاية نبيلة يحاول مساعدتك في كل حالاته، في هدوئه أو حتى إزعاجه!
[email protected]