من أشهر معالم بريطانيا العظمى.. حديقة «الهايد بارك»، المتربعة وسط قلب لندن النابض بالحركة، ومن أشهر معالمها «ركن المتحدثين» في طرف الحديقة.. وهو مكان تاريخي، وقديم جدا، يسمح فيه بقول الخطب والكلمات.. كل يوم أحد، لكل شخص مواطن أو مقيم وحتى زائر.. وفي أي موضوع كان! لا فرق عندهم إن كان الموضوع سياسيا أو اقتصاديا أو دينيا.. ومن يمر عليهم يوم الأحد، لابد أن يسمع من ينشر الإسلام، ومن يبشر بالمسيحية، ومن يمجد الطغاة.. الخ!
مقبرة الصليبخات تحولت - للأسف - إلى ركن المتحدثين، وربما أقوى «حبتين» من ركن «الهايد بارك»! إذ يطل على «المشيعين»، أثناء تأدية مراسم الدفن (صبح وليل) شيخ ملتح، يتناول كل شيء يجول في خاطره، بدأ بفسق الإعلام وتفاهة وسائل التواصل الاجتماعي! ومرورا بالفرق الإسلامية، والجماعات الصالحة و«الطالحة».. وانتهاء بتحكيم شرع الله، وكفر من لم يطبق شرع الله، أو يطبق الديموقراطية!
شخصيا لا أحرض على الشيخ الجليل، وليس بيني وبينه أي مودة أو كره.. وأعتقد أن مثل هذا الكلام قد يقال في بعض مساجد الكويت، وربما نشر في وسائل التواصل الاجتماعي.. ومن الممكن انه يقال في أروقة الجامعة (قد، ربما)، ولكني وبنفس الوقت، لا أتمنى استمرار «هايد بارك الصليبخات» إلى أبد الآبدين! لأن بعض الناس وقت تشييع الجنائز، في لحظات تفكر، في مصير الإنسان، الذي قد نغفل عنه جميعا مع مشاغل الدنيا.. وبعضهم الآخر في آخر لحظات توديع شخص عزيز انتقل إلى رحمة الله.. ولا داعي لقطع لحظاتهم، بموعظة عن كفر الديموقراطية، أو تفاهة الإعلام الاجتماعي!
أدري أن وزارة الأوقاف غير مسؤولة عن المقابر.. وأن المقبرة تنظيميا تتبع وزارة البلدية.. وأدري أيضا أن وزارة الداخلية لا تريد التدخل حتى لا تصير الكويت دولة بوليسية، تمنع التعبير عن الرأي وحرية التعبير.. لكن «من سيحرك قطعة الجبن»، وينقذ أهالي المتوفين والمشيعين، من خطب ليست في مكانها ولا في وقتها؟! ومن سينقذ «مشايخ هايد بارك الصليبخات».. فيما لو اعتدى عليهم أهالي المتوفين، بسبب خطب ونقاشات «حلمنتيشية» أثناء الدفن؟!
****
اللهم من أراد بالكويت وأهلها خيرا، فوفقه لكل خير.
ومن أراد بالكويت وأهلها شرا فأشغله في نفسه، واجعل تدبيره في تدميره.
****
إن كان التشيع حب أهل البيت فكلنا شيعة، وإن كان التسنن اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فكلنا سنة.
_aalfahad_@