لا شك في أن المنطقة العربية تعيش كابوسا كبيرا وزلزالا كارثيا يهدد باقتلاع جذور حضارات ودول المنطقة المتبقية، فبالأمس أدخلوا العراق في نفق مظلم وتفتت حضارة الرافدين، كما تركوا سورية حضارة الشام العتيق لتعيش محرقة لم يشهدها التاريخ للبشر والتراث العريق سوى في الحربين العالميتين، كما أن هناك فلسطين وغزة وليبيا المفتتة والسودان المتجزئ والقابل للتجزؤ مستقبلا وفق خطط موضوعة سلفا، ثم يأتي القانون المشبوه جاستا ليؤكد أن المؤامرة تسير بمسارها المتكامل شرقا وغربا لتحصد ما تبقى من أمتنا مستقرا.
ما يحدث في المنطقة ليس أمرا اعتباطيا أو مصادفة، بل هو بالفعل أمر خطط له بإحكام منذ عقود مضت وحينما كان يتحدث أحد عن تلك النبوءات الشرق أوسطية ونظرية المؤامرة والخطط الجهنمية لتفجير المنطقة العربية من داخلها وتفتيت دولها ليسهل قيادتها وتدمير ما يتبقى من حضاراتها وشعوبها وتراثها الأصيل، كان المعارضون لهذا الطرح يقابلون ذلك باستخفاف واتهام من يتناقل ذلك بأنه مهووس بخرافات لا أساس لها حتى وصلنا إلى ما نحن فيه، وما زلنا في سذاجتنا المفرطة حد القتل المتعمد لأنفسنا!
ممن تحدث عن تلك النبوءات البشعة لمنطقة الشرق الأوسط المستشرق الإنجليزي برنارد لويس، الذي ألف كتابا بعنوان «مستقبل الشرق الأوسط» عام 1996، حاول فيه أن يتوقع التغيرات التي ستطرأ على المنطقة وذلك قبل أكثر من 20 عاما.
ومن أهم النبوءات التي قالها لويس تلك المتعلقة بعمليات الاندماج والتفتت التي قد تطول الكيانات السياسية في المنطقة، فهل من المصادفة أن يتحدث لويس عن الاندماج أو التفتت بالشرق الأوسط قبل عقود وتتحقق نبوءاته حرفيا؟! يسير دون وضع إيران في أي من مراحله!
استفاقة الأمة العربية والإسلامية والنظر إلى مخاطر ومؤمرات تحاك لاقتلاع جذورنا، باتت مطلبا واجبا على الأمة جميعا لأن الطوفان المؤامراتي القادم لن يبقي ولن يذر ما لم نعلِ راية الوطن والأمة ونترك كل خلافاتنا وراء ظهورنا لأن القادم معركة وجود حقيقية.. نحن نعيش عالما لا يعترف سوى بالقوي المتماسك الذي يحافظ على كيانه وهويته وشعبه وثقافته دونما تفريط، وليس بالهش الضعيف سهل الكسر، كما هو حالنا الآن مع كل الأسف والأسى.
من القلب : استفاقة دولنا العربية لن تأتي ما لم نبدأ بمشروع مارشال عربي للتعليم والصحة وتكوين تكتل عربي موحد على غرار الاتحاد الأوروبي ، مع الاستفادة الفعلية من تجارب الدول المتقدمة في كل مجالات الحياة والتعرف على مناطق الخلل لدينا وإسناد الأمور إلى المتخصصين سواء من الداخل أو الخارج بالفعل...
ليحفظ الله أوطاننا وشعوبنا ويرفع عــنا كل بلاء.