عندما نتحدث عن الوطن فإننا بالطبع نتكلم عن ماض وحاضر لا يمحى من ذاكرة كل فرد من أبنائه، عن تاريخ حافل بالأحداث الحلوة والمرة التي صنعت أيامنا وحققت أحلامنا، فمن منا لا يذكر أيام الغزو الغاشم الذي فرق الأسر وحول الكويت إلى ساحة حرب لأطماع شخصية.
في مثل هذه الظروف القاسية لا يمكن لأحد أن يتنبأ بالمستقبل، ولا أن يعلم ما هو مصيره، ولكن الله تعالى برحمته الواسعة ساقنا إلى بلد عزيز علينا جميعا، إلى مملكة وارفة الظلال واسعة الخيرات، لجأنا إليها في وقت الشدة فاحتضنتنا ووفرت لنا الملاذ الآمن بعد أن فقد الكثيرون كل ما يملكون بسبب العدوان الغاشم ورغبة احتلال الأرض وتغيير الهوية.
الكويت يا سادة، يا غرباء، هي الأرض التي عاش عليها الآباء والأجداد، هي التاريخ والهوية، هي البلد المبارك الذي خلقنا الله فيه، ونشأنا في خيراته، ولأننا ننتمي للكويت فإنها بسنتها وشيعتها وبدوها وحضرها لا تقبل القسمة.
نعم الكويت لا تقبل القسمة وليست إلا ملكا لأبنائها فقط، ويدها ويد جميع أبنائها مدينة بالعرفان والاحترام والمحبة للمملكة وجميع أهلها وأبنائها، السعودية الشقيقة الكبيرة التي لها يد خير علينا جميعا لا ينكرها إلا جاحد.
أنا شخصيا، لا أنسى ولن أنسى خير السعودية وموقفها الراسخ خلال الاحتلال الغاشم، وكيف يمكن لعاقل أن ينسى الكلمات التي قالها الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه: لن يهدأ لي بال ولن يغمض لي جفن إلا بعودة الكويت.
نعم إنها السعودية التي تكاتفت مع الكويت أميرا وحكومة وشعبا، فهل تستحق من البعض أن يقف ضدها ويتدخل في قوانينها وقراراتها؟ وهل يقبل هؤلاء أن تتدخل دولة في قراراتنا الكويتية، وأن تفرض علينا ماذا نفعل وماذا لا نفعل؟
لا يحق لأي كان أن يتدخل في شؤون أي دولة، فكيف بالسعودية الأم؟ التي لم تقبل للحظة واحدة باحتلال الكويت ولا بغزوها فوضعت كل إمكاناتها في تحريرها وإعادة الحياة لأبنائها.
إنها رسالة لكل الكويتيين وعقلائهم، نحن أمام تحد خطر، إما أن نحافظ على بلدنا وإما أن ننقسم، وهذا لا يقبله أحد، ولا يمكن لأي مواطن يؤمن بوطنه ويعشقه أن يتسبب في خسارة الكويت لمكانتها واسمها الدولي، فبلادنا استطاعت أن توجد لنفسها مكانة مرموقة في المحافل الدولية، فلماذا نعاقب من احسن إلينا عبر التدخل في شؤونه الداخلية، ونتحدث في مسائل ليست من صلاحياتنا وإنما هي خدمة لمن يريدون النيل من وحدتنا وعروبتنا؟
الكويت والمملكة مصير واحد، شعب واحد، فهل نسيتم يا أهل الكويت خيرها علينا؟!
كلماتي هذه قد لا تروق للبعض، ولكنها الحقيقة والحق الذي يجب أن يقال. أيها الكويتيون، أدعوكم لتحبوا وطنكم وتعميق الولاء له، فهو بلد لا فرق فيه بين السنة والشيعة والحضر والبدو والعجم، فكلهم أهل الكويت ولهم الحقوق ذاتها ولا يوجد تهميش لأي مكون أو حرمان من الامتيازات والمناصب.
وختاما أقول: إنني أحمد الله تعالى أن أنعم علينا بأن كانت أسرة آل الصباح الكرام هي من يحكمنا، فالكويت هي بحق بلد الأمن والأمان والخير للجميع بقضائها النزيه وحكمها الرشيد، حفظ الله أميرنا وشعبنا المعطاء، وحفظ للمملكة ملكها وقيادتها الرشيدة وشعبها الكريم.
[email protected]
abdulmuhsenhaji@