مرة أخرى، وحقيقة مرة، تعود بي إلى الواجهة وبقلمي أجد نفسي مضطرا للكتابة عن هيئة ذوي الاعاقة، الهيئة التي يفترض بها أن تقدم أعلى معايير الجودة في خدماتها لشريحة أساسية من شرائح المجتمع، إلا أنها لاتزال حتى الآن دون مستوى الطموح، لاسيما إذا نظرنا إلى الطريقة التي يتعامل بها بعض الموظفين او الموظفات من الصفين الثاني والثالث مع اولياء الامور او الزوار.
الكثير من هؤلاء الموظفين لم يخضعوا لدورات تدريبية في بروتوكولات التعامل مع مثل هذه الشرائح، وينقصهم أدنى درجات الثقافة في العلاقات العامة وآليات المواجهة الاجتماعية مع الزوار واحترامهم.
رغم أنه من الصعب إنكار ما تقدمه الهيئة من خدمات لفئة المعاقين، إلا أنها في الوقت ذاته يجب أن تكون زاخرة بعدد أكبر من الموظفين الأكفاء على قدر عال من اللباقة والاحترام، ولعل ما يدهشني أن دخول أبواب بعض المكاتب يحتاج احيانا إلى ارقام سرية وكروت شخصية، وكأننا في مؤسسات أمنية خالصة، وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن المخاوف التي تعترض اصحاب هذه المكاتب من إجراء تواصل مباشر مع الفئات التي يقومون بالعمل معها، وليس هذا فحسب، بل ان إمكانية الوصول احد القياديين والحديث معه ربما هو امر شبه مستحيل.
العنجهية هي العنوان العريض الذي يتم التعامل به من قبل بعض موظفي الهيئة العامة للاعاقة، ما يدفعنا إلى القول إن هذه العقول لا يصلح ان تبقى تتعامل بهذا الاسلوب وهذه الطريقة، ولذلك بات من الضروري إنشاء مكتب للعلاقات العامة فهذا الامر سيعزز من سلوكيات بعض الافراد ويجعلهم اكثر انسجاما مع اهداف الهيئة، واعمالها ومسؤولياتها.
فئة المعاقين ليست هامشية كما يتراءى لبعض القياديين والموظفين في الهيئة، بل لهم الاولوية ليس فقط في مواقف السيارات والمرور وإنما في التعامل والسلوك، فالاسلوب الذي يمارسه البعض خشن للغاية ويفتقر إلى أدنى درجات الاحترام والاخلاق.
هذه الملاحظات تدفعني إلى الحديث عن امر بالغ الاهمية لا يرتبط بالهيئة العامة للاعاقة فحسب، بل بجميع مفاصل الدولة وقطاعاتها، وهو التدوير، فالاعتقاد السائد أن التدوير يؤدي إلى انتاجية افضل، ولكن الواقع قد يكون غير ذلك، فهل يعقل أن يجمع القيادي كل تلك الخبرة في مكان ما ثم نقوم بنقله إلى مكان آخر لا علم له ماذا ينتظره فيه.
الحقيقة المرة التي لا بد من ان اقولها إن التدوير هو اشبه بتحنيط الكفاءات والخبرات العريقة، كما أن الهيئة العامة للاعاقة إذا بقيت على حالها في عدم تطوير سلوكيات بعض موظفيها وتعليمهم الطرق المثلى للتعامل فإنها ستغدو هي «المؤسسة المعاقة» وغير القادرة على القيام بالمهام الموكلة إليها بالطريقة المثلى.
كلمة أخيرة: ما أتمنى رؤيته في الهيئة هو أن يكون القياديون قدوة يتعلم منها موظفوهم فن التعامل الراقي مع المراجعين، وذلك في حال لم تجد نصيحتي بإطلاق دورات تثقيفية طريقها إلى الحقيقة والواقع.