سنبحر في مقال هذا الأسبوع مع المبدع الراحل الأستاذ محمد الفايز، رحمه الله، انطلاقاً من شواطئ ماضينا الجميل ...
حيث يقول المبدع المرحوم...
«سأعيد للدنيا حديث السندباد
ماذا يكون السندباد ؟
شتان بين خيال مجنون
وعملاق تراه يطوي البحار على هواه
بحباله
وشراعه
بإرادة فوق الغيوم
بيد تكاد عروقها الزرقاء ترتجل النجوم
سأعيد للدنيا حديث السندباد
أحلى ليالينا الليالي المقمرات
حيث النجوم الغارقات
في البحر ترسُم عالماً نشوانَ من نور وماء
يجتثّنا ويطير فينا في الفضاء
غنيت أمسي لمن أحب
وهمت في ليل البحار
لأعود ثانية لها
ومعي الهدايا للصغار»
أبيات تبين للحاضر مصاعب «الماضي»... تضحياته وعمله الدؤوب لتوفير كل ما يلزم «الحاضر» للعيش حياة سعيدة عنوانها حصاد جهد «الماضي» واستمرارية تطوير العمل للوصول «للمستقبل»...
فيوجه «الماضي» سؤاله «للحاضر»...
«أركبت مثلي «البوم» و«السنبوك» و«الشوعي» الكبير
أرفعت أشرعة أمام الريح في الليل الضرير
هل ذقت زادي في المساء على حصير؟
من نخلة ماتت وما مات العذاب بقلبي الدامي الكسير...
أمسكت مفلقة المحار؟
في الفجر مرتجفا
لتكتمل القلادة
في عنق جارية تنام على وسادة
ويضيء لؤلؤنا على تلك الصدور
ويظل صدرك خاليا يا عبق الزهور»
أسئلة ذات معان عميقة... يجب على الحاضر ان يتعظ من «الماضي» بكل قساوة ظروفه... بشح موارده آنذاك... فلم ييأس «الماضي» وجاب البحر بحثاً عن الرزق وإيجاد مستقبل أفضل «للحاضر»...
فقال:
«توكلنا على الله
فخذي شراعي يا رياح
يا رياح خذي السفينة
وغدا أعود لكم يا أحبائي
على شاطئ المدينة
...
البحر أجمل ما يكون
لولا شعوري بالضياع
لولا هروبي من جفاف مدينتي الظمأى
وخوفي أن أموت عريان
في الأعماق
أو في بطن حوت
...
إني أحاذر ان أموت
لما أفكر أن لي بيتا
ولي فيه عيال
لما أحس بأن في الدنيا جمالا»
فهل من مدكر؟
ماذا فعل «الحاضر» «للمستقبل»... ألم يُحرج «الحاضر» مما قام به «الماضي» من عمل جبار؟
ومع ذلك لم يتوان «الماضي» في الدعاء «للحاضر»... ليس رأفةً به... وإنما لأجل عيون «المستقبل» يكرم ألف «حاضر»... فدعا «الماضي»...
«بسم الله
أول ما نبدأ بسم الله
يا ربُ يا ملكاً تعالى في سماه
يا أيها الأبدي يا نوراً نراه ولا نراه
دعهم يعودوا سالمين غانمين
ودع القمر
يضوي عليهم في المساء والسحر
رباه واجعل في محارهم الدرر
رباه يا من نوره يهدي البشر
سامع الصوت
صل عالنبي محمد
وابن عمه علي
توب يا بحر
ما تخاف من الله يا بحر
أربعه والخامس شهر
غطيني وجيبهم»
هل سنقوم بتوريث المشاكل والمشاحنات والحقد والضغينة «للمستقبل»؟... فكيف سيتغنى «المستقبل» بما فعله «الحاضر»؟... ستكون أبيات غير موزونة حتماً من دون أي معنى أو مضمون!...
سيأتي الوقت الذي سنجبر فيه على ان نأخذ على عاتقنا هذا الإرث الكبير... ونواجه صعاب «الحاضر»، كما فعلها «ماضينا» الجميل.
ونشدو بكلمات الصدق...
«ها نحن عدنا ننشد الهولو على ظهر السفينة
ها نحن عدنا ننشد الهولو عدنا للمدينة
ها نحن عدنا يا كويت إلى شواطئك الأمينة
وقلادة شوقنا لك من أمانينا الدفينة»
e-mail: [email protected] - twitter: al_mefleh