كلما تطرقت الحكومة لموضوع المرأة والإسكان خفقت القلوب أملا في إحداث التغيير من خلال إنصاف المرأة والقضاء على التمييز ومساواتها في الحقوق الإسكانية مع الرجل. فمؤخرا أقرت اللجنة الإسكانية في الحكومة إنشاء صندوق إسكاني لخدمة المرأة الكويتية غير المستفيدة من القانون الإسكاني الخاص بالأسر الكويتية، ويتمثل هذا المشروع في بناء عمارات سكنية خاصة بهذه الفئة وقد أتى هذا القرار مدفوعا بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية. لا نريد أن نسيء الظن بالنوايا التي تقف وراء هذا المشروع ولكن مثل هذه المشاريع لا تحقق العدالة الاجتماعية ولا تزيد إلا من ثقافة التمييز ضد المرأة.
في مجتمع نحن نعرف نظرته الهامشية وغير المنصفة لهذه الفئة الاجتماعية، تأتي مشاريع الإسكان الخاصة بهذه الشريحة من النساء لترسخ هذه المفاهيم ولتبني نوعا جديدا من العزلة الاجتماعية والنفسية لهؤلاء النساء.
مشاريع خاصة «بالمطلقات» أو «العازبات».. فما رأيكم؟ للمزيد من التهميش والعزلة، أن توضع لافتات على هذه المباني تشير للحالة الاجتماعية لهذه الشريحة «كعمارة المطلقة» أو «عمارة العزباء» أو «مشروع كل من لم يحالفها الحظ»؟ تجمعات سكنية تعيش العزباء بين جاراتها العازبات والمطلقة بين جاراتها المطلقات حتى إذا نسيت الواحدة منهن تجربتها المؤلمة تذكرها الأخرى بها.
إن تنفيذ مثل هذه المشاريع الإسكانية يؤثر سلبا على المكانة الاجتماعية لهذه الشريحة من النساء، فنحن نعرف أن المكانة الاجتماعية للفرد تحدد بمقدار الحقوق التي تمنحها الدولة لهذا الفرد، وحيث إن المشاريع الإسكانية الخاصة بالمرأة تأتي دوما متواضعة في تكاليفها مقارنة بالقروض الإسكانية التي تمنح للأسر الكويتية، فإن تنفيذها يعمل على ترسيخ هذه النظرة الدونية لهذه الفئة من النساء. إن إنصاف المرأة الكويتية لن يتم إلا من خلال الوعي بثقافة «التمييز في النوع الاجتماعي» والمتعلقة بجوانب اللامساواة بين المواطنين في الاستفادة من خيرات وموارد الدولة بناء على الذكورة والأنوثة، وهنا يأتي دور ممثلات المرأة بالبرلمان في مراقبة المشاريع التي ترسخ مثل هذا النوع من التمييز وخصوصا مفاهيم العزلة الاجتماعية للمرأة.