على ضفاف نهر الأبرش.
تتشاجر أزهار البنفسج كل يوم، وحين تسأل لماذا؟
يجيبك بلبل خرج من عشه صباحا وتاه عن وجهته فيقول: تهدي الشمس كل يوم بضع سلال من الضوء لكل زهرة..
في إحدى السلال إكسير النمو، قالها جلجامش ذات مرة حين سئل عن نبع الخلود..
هو ذا مع اختلاف العصور والخرافة...!!
في أعلى الشلال طاحونة قديمة كانت لجدي ثم لأخوالي ثم لأبنائهم...
أصبحت ملتقى الناس وحين اقترحت تحويلها الى مقهى.. أجابني بالرفض ثم قال: جميلة لأنها قديمة، لا تدخل الحداثة شيئا إلا دمرته..
في الدرب المعبد الى بستان الليمون العديد من الوجوه، بعضهم تلحظ التعب في عينيه، والآخر متعب للآخرين فقط...
تجاعيد السنين أثرت في الشجر والأزهار والرياحين، أثرت في الشوك على جانبي الطريق...
في بستان جدي شجرتا مشمش توفيتا حين وفاته، لعل الأرواح مترابطة كما قال جبران..
أو لعل الحياة لا ترحم الباقين فتضغط حتى على الشجر ليموت...
شجرة الجوز لا زالت واقفة راسخة وشامخة، الى الخلف منها موقد النار، وروح جدي الهائمة في البساتين تبحث عن الأشجار العطشى فترويها....
ساقية الماء وأشجار الرمان والكرمنتينا والماوردي، النهر والسباحة..
كان جدي اذا أراد ان يكتشف إذا سبحنا في النهر اشتم رائحة رؤوسنا فمياه النهر لم تعد نظيفة كما كانت.. «قالوا لي: لا زالوا يقتسمون ثمار الجوز حتى اليوم بالتساوي..!!
لعلها روح جدي او لعلها روح البستان في جدي..»
هناك شيء غريب يجعلك مرتاحا لمجرد المرور أمام شجرة الجوز.
تشتم رائحة التبغ العربي وضحكته الشهيرة فتجلس لتستمتع وتسمع شعرا ونثرا وروحا وحياة ثم يفارقك على أمل أن يعود
لكنه لن يعود يوما!
[email protected]