لتسمح لنا الحكومة بأن نصارحها الرأي ونتبادل القول معا وبشكل مباشر علنا لنسد فجوة يتسلل منها عادة الخلاف والشقاق والفراق، فالحكومة عندنا وباعتبارها تحتضن كل أبناء الشعب وتوجه مسيرته لابد أن تمارس التوازن في التوجهات المؤثرة في المجتمع لتشكل صمام أمان بل وتنهض بمسيرة هذا المجتمع، خاصة في ظل عدم وجود أحزاب سياسية تتشكل الحكومة على أساسها لتخدم وجهة نظر هذه الأحزاب، وذلك قد يكون ميزة في بعض الأحيان حتى لا تجير الحكومة لصالح فئة دون أخرى، ولعل كون رئيس هذه الحكومة من أسرة آل الصباح هو صمام الأمان في عمل تلك الحكومة، فالشعب إذن ينتظر أن تكون الحكومة حيادية في إجراءاتها وعادلة في قراراتها معنية بتطبيق القانون بنفس واحد وروح واحدة ومنظار واحد يستوعب كل الشعب الكويتي فلا تدع مجالا للاعتراض أو الجنوح أو التطرف، لكن إذا حادت الحكومة عن ذلك المسار المتوازن فعندها ستلاقي المتاعب والمصاعب التي تبدأ كامنة في ثنايا النفوس أول الأمر لكن ما إن تجد لها متنفسا حتى تنقلب إلى موج هادر من الغضب والعنف.
هذه المقدمة لا أحسب أن الحكومة غافلة عنها لكني لا أفهم سبب الإصرار الحكومي على المسير في ذات المسلك الذي جلب علينا المصائب والبلاوي ولايزال بشكل يومي.
ولنبدأ في مسألة تسمية الشوارع التي نشرتها الصحافة المحلية على أنها من قرارات مجلس الوزراء الموقر لنجد أن هذه الأسماء تغلب عليها صبغة الطائفية التي تنادي الحكومة بإلغائها وعدم الانجرار وراءها، لكنها للأسف تقوم هي بتكريسها عبر اختيار أسماء معينة من طائفة أو مجموعة وتلغي الآخرين، فهل نصدق يا ترى الزعم بالابتعاد عن الطائفية؟ ونفس الأمر ينطبق على التعيينات في المراكز القيادية التي أعلنت في الصحف حديثا.
ما بال مسطرة الحكومة تخط الحد لأبناء الشعب وفئات المجتمع حتى لا يتعدوه وتطالبهم بالالتزام به، لكنها تنسى ذلك الخط حينما تمارس هي صلاحياتها، لذا نود أن نعرف دافع الحكومة في هذا التوجه علنا نساندها في منحاها ذاك، فالدور الاجتماعي ليس حكرا على فئة دون أخرى ورجالات الكويت كانوا من كل لون وطائفة، لكن الاقتصار على لون واحد هو موطن الاستغراب، فالمسألة فعلا بحاجة لإعادة نظر حتى لا يقال أو كي لا نصدق أن الحكومة هي من يزرع الفتنة ليأتي المؤزمون والمتأزمون ليقطفوها ويتاجروا بها، ونرجو أن يلحق مجلس الوزراء الموقر قراريه بتسمية الشوارع وتثبيت القيادات الإدارية بقرارات أخرى سريعة بإضافة أسماء أخرى تظهر حيادية الحكومة وحرصها على تمثيل جميع أطياف المجتمع في مختلف المواقع.
إن أردنا درء الفتنة فلا يكفي أن نغلق مساراتها بل لابد أن نمنع فرصة وأسباب تولدها ولتكن الأحداث المؤسفة التي ابتلينا بها درسا واعيا لنا، فقد غدونا ننام ليلا لنستيقظ على مصيبة أكبر من سابقتها حتى أصبح الكل طالبا بالثأر وساعيا إلى إحقاق الحق الذي يريده بنفسه، منتفضا على القانون والدستور والحق والعدالة لأنه افتقدها في بعض الإجراءات الحكومية، فعلى الحكومة مهمة ومسؤولية القدوة الصالحة وأن تجسد لنا قبل غيرها تطبيق القانون والالتزام به، كي تكون مثالا وحينها لا تبقي لأفاك عذرا.
[email protected]