كلا، لم يمش الدهر أعمى يوم عاشوراء بل سار فاقدا بصيرته وبإصرار وتعمد حين خاطبت رموز الشر والبغي عدوهم الحسين بن علي بن أبي طالب بل ضحيتهم «نقاتلك بغضا لأبيك» فما الدهر إلا صنيعة رجالاته وأفراده.
وهكذا صبوا كل حقدهم الجاهلي الذي ملأ صدورهم على بقية أهل البيت النبوي الطاهر المطهر وقائلهم يقول لن ندعك حتى تذوق الموت غصة بعد غصة.
لم يكن على وجه الأرض أجسادا وأفرادا لامست وجوههم وصافحت أيديهم يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير تلك الثلة الباقية من آل الرسول.
يا الله كم هو عميق ذلك الحقد وكم هم مسيطر على النفوس حتى قال قائل جيش ابن سعد الأموي.
الحقد جعل جيش ابن سعد يفضل دخول جهنم التي أعدها الله لغضبه على مخالفتهم لهوى ابتدعوه لأنفسهم فتنادوا «النار أولى من ركوب العار» وهم يعلمون علم اليقين انهم يقاتلون شخصا ليس على الأرض ابن بنت نبي غيره.
دنس الحاقدون العروبة وشوهوا قيمها حتى قال لهم الحسين السبط «كونوا عربا كما تزعمون، امنعوا عتاة قومكم من التعرض لحرمي ما دامت حيا».
وأكملوا فضائع أفعالهم في المعركة بالهجوم بخيلهم على خيام بنات الرسالة وحرقها وإرعاب الأطفال وسلب الصغار حتى قال أحدهم لإحدى بنات الحسين إن لم أسلبك أنا سيأتي آخر ليفعل فدعيني.
حرقت الخيام وتراكضت النساء وسحقت الأطفال بحوافر الخيول الجامحة وهي مذعورة لقتل حبيبها وزعيمها ويصور الإمام زين العابدين عليه السلام المشهد «وكأني انظر إلى عماتي يفررن من خيمة إلى خيمة قد تعلقت النار بأطراف ملابسهن».
بنات رسول الله ينتهي بهن الحال هكذا بفعل أوباش لا يحملون من الإسلام إلا اسمه ثم سبيت بنات رسول الله، هل تعرفون معنى بنات رسول الله انهم بنات تلك الشخصية العظيمة التي نزل الوحي في بيتهم لإنقاذ أولئك الأوباش من نار الجاهلية الى رحاب الإسلام والإيمان بالله.
سبوهم وبأسوأ حال وهن أول نساء تسبى في الإسلام من العراق إلى دمشق أمام العالم من غير حجاب ولا غطاء وهن اللواتي كن معززات مكرمات محجبات مخدرات في بيت جدهن رسول الله، سبوهم وكأنهم من خوارج الملحدين.
إن جرمهم أنهم خرجوا لطلب الإصلاح في أمة محمد، للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما صرح بذلك قائد تلك النهضة الإمام العظيم الحسين بن علي بن أبي طالب وأمه فاطمة بنت رسول الله.
ورغم تلك المصيبة الفاجعة يخرج من يقول متبطرا ولماذا تحتفلون بذكرى مر عليها أكثر من ألف سنة؟، تبا لذلك الفهم.
إنها قصة البطولة والفداء والتضحية تعاد سنويا لتعرف الأمة مدى قربها من فكر ورسالة وهدف تلك الحركة التي غيرت وجه التاريخ وحررته من عبث الحكام.
الا تجد القرآن الكريم يكرر أسماء وقصص شخصيات مضى عليها الآف السنين أليس هدف القرآن تذكير الناس بأيام الله التي أقاموها وتعريفهم بهداهم ورسالاتهم التي بعثوها للعالم؟ فكذاك الحال مع الاحتفاء بعاشوراء.
[email protected]