لعل السؤال الذي ينطلق تلقائيا حين ينظر الزائر لشوارع الكويت: هل لدى الكويت أولوية مرورية؟ وهل تعرف هذه الدولة معنى الاولوية؟ هذا السؤال منطقي تماما في ظل الوضع المروري الحالي، وتعالوا نرسم صورة لشوارعنا.
يتقدم السواق البنغال بمختلف سياراتهم ويحاولون السيطرة على الممرات والفراغات ويقدمون «بوز» سياراتهم في اي فراغ كي تكون لهم الاغلبية، فيحشرون سياراتهم في كل فجوة في الشارع، ومن يلومهم في ذلك، فهم لم يتعودوا يوما في حياتهم على النظام، فكيف يهتمون بأولوية المرور؟
اما اصحاب السيارات الجيب والوانيتات وما شاكلها فهؤلاء يريدون ان يقفزوا بسياراتهم على سيارات الآخرين، فمن يستطيع ان يتحداهم فهم فتوات الطرق، فما قيمة اولوية المرور لديهم؟
ويأتي اصحاب السيارات الفارهة والغالية، فهؤلاء يعتقدون انهم يملكون الشارع وانه على الآخرين الوقوف اجلالا لهم ولسياراتهم، فلماذا يتنازلون ويلتزمون بأولوية المرور؟
وننتقل الى فئة سواق سيارات الكامري والالتيما وما في مستواها، فهؤلاء يقودون سياراتهم و«انفسهم بخشومهم» ناقمون على كل من هو احسن حالا منهم، وبالتالي فهم يحاولون ان يسحقوا سيارتك ان كنت امامهم ويلتصقوا بها ان لم تسمح لهم بالتجاوز حتى ان لم يكن هناك مجال، فلماذا ينتظرون اولوية المرور؟
وفي مقابل هذا كله هناك الاشخاص كبار السن وضعيفو النظر والاطفال حديثو الولادة الذين يتنقلون بمعية اهاليهم وهم يعيشون الهلع اثناء استعمالهم السيارات بسبب ذلك الاستهتار المتزايد، فتجدهم ايضا وحفاظا على سلامتهم لا يعرفون الاولوية لمن حقا.
هذا الحال في شوارعنا التي غدت حلبات لاثبات الشخصية او اظهار العضلات في فوضى عارمة تجعل كل جهود رجال المرور غير مجدية، بل يتم تحديهم بارتكاب تلك المخالفات امام اعينهم، ولا يمكن ملاحقة مرتكبيها لسرعة سياراتهم او قدرتهم على التخفي والتملص، والذي يزيد الامر سوءا هو عدم وضوح اولوية المرور خاصة في مخارج الجسور او مداخلها امام عدم الاكتراث بمدلولات الخطوط الارضية.
الحل في نظري هو في الحزم، فلابد لادارة المرور من ان تكون حازمة الى آخر درجة وألا تلين امام الوساطات، كما لابد من اتباع اسلوب الغرامة الفورية، مع تشغيل منظومة متكاملة الكترونية حديثة وبالغة الدقة والوضوح مرتبطة بمركز تحكم وسيطرة للطرق تكشف عن المستهترين وتوقع عليهم الجزاء الفعال، وان توجد نقاط لدوريات وغيرها تتلقى البلاغات من ذلك المركز وتقوم بتطبيق المخالفة الفورية وغيرها من جزاءات نص عليها قانون المرور.
فلقد تعبنا وزهقنا ومللنا وارعبنا وانعدم الامان لدينا من شوارعنا، فهل من منقذ؟!
[email protected]