لا يخفى أن الفصل بين الخصومات والقضاء بين الخصوم مهمة شاقة وعمل مضن، فمشاكل الناس كثيرة، وأنواع النزاعات متعددة، جامعها أنها تهم القلب وتشغل الفكر ممن عهد له أمانة الحكم الفصل، فالكل يسعى للعدل الذي هو سمة المنصفين والكل يبتغي الحق الذي هو ميزة العدول، فهذه الوظيفة لأهميتها وخطورتها شأنها كشأن من يمشي على طريق مستقيم دقيق حاد الجوانب متعدد المهاوي لذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه قوله «من ولي القضاء فقد ذبح من غير سكين» وقال صلى الله عليه وسلم «قاض في الجنة وقاضيان في النار» أو كما قال صلى الله عليه وسلم. أمام ذلك وأكثر يحق القول إنها وظيفة لا يماثلها عبء أو هم أي وظيفة أخرى، فما تفترق فيه عن جميع الوظائف ذات الكوادر أو القيادية هو أن طبيعة عمل القضاة قائمة على إصدار الأحكام، وهذه الطبيعة لا مثيل لها، لذلك حق استحداث بدل مالي للقضاة خاصة يسمى «بدل إصدار أحكام» يتفاوت بينهم بحسب عدد الدوائر الموزعة عليهم ويضاف للعلاوة القضائية المقرة، وبه يتميز القضاة عن غيرهم المطالبين بالمثل.
وليس معنى ذلك هضم حقوق التابعين للقضاة والملحقين بهم وفقا للدستور والقانون كالنيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع، ولا هضم حقوق نظراء هؤلاء الأخيرين وفقا للقوانين ذات الصلة كمحققي الداخلية ومحامي البلدية، بل الحق الإسراع بإقرار العلاوة القضائية لهم المقرة سلفا للقضاة من غير أن تشمل «بدل إصدار أحكام» الذي به يتحقق مطلب القضاء العادل بوجوب تميزهم عن غيرهم، ولا مانع من بعد تغيير اسم العلاوة ذاتها إلى علاوة خاصة لمن لا يعملون بالقضاء ولا يفصلون في الخصومات، وبهذا يكون الخروج بحل يرضي المنصفين من نفق الدراسات والترددات والتأجيلات بشأن تلك العلاوة التي كثر اللغط حولها.
ومن الإنصاف أيضا عدم الإجحاف بحق معاوني القضاء من الخبراء المحاسبين والمهندسين والإسراع بإقرار العلاوات والبدلات المقترحة مسبقا لهم، فهم الساعد الأيمن للقضاء وثقة هذا الأخير بهم تحتم رفع الجور عنهم وإلحاقهم بالكوادر الخاصة.
العدل يا «تربية»: قبلت إحدى الكليات المتخصصة في رعاية الموهوبين في أميركا ورقة بحث لأحد المدرسين الكويتيين في وزارة التربية والحاصل على الدكتوراه في هذا التخصص الفريد، وبدلا من تسهيل وزارة التربية لدينا سفر الدكتور وتمثيله للكويت في هذا الصيف، وضعت أمامه العراقيل فلم توافق وكيلة الوزارة على ذهابه، بل ولم تعطه كتابا بموافقتها على ذهابه عن طريق معهد الكويت للتقدم العلمي وفق البند المخصص للباحثين فيه بناء على طلب الأخير، في حين درج العمل مع غيره من المقربين لقيادات الوزارة والمرضي عنهم وأصحاب الواسطات على تسهيل سفرهم وفي أوقات ذروة العام الدراسي، فلماذا نحرم المتميزين من الاستفادة رغم أن ما سيتعلمونه سيعود بالفائدة على أبناء الكويت وطلابها الموهوبين؟!
[email protected]