كرم الله - عز وجل - الإنسان خليفته على أرضه بأن أعطاه عقلا يفكر به، ويتأمل في بديع خلقه وعظيم صنائعه، ومع أن هذا العقل الهبة من رب العباد قد يكون مفتاح سعادته، وجوهر عبادته، وأول أدلته على الاهتداء إلى الطريق القويم، والصراط المستقيم، إلا أنه قد يكون وبالا على بعض البشر الذين يستخدمونه في مراقبة الآخرين، ويشغلونه بأشياء تغضب رب العالمين.
والإنسان العاقل يعرف تمام المعرفة، ويدرك تمام الإدراك أنه لا يستطيع أن يرضي الناس جميعا مهما أوتي من قوة عقل ونباهة فهم، وحسن أخلاق، فإرضاء الناس غاية لا تدرك، بل إن الإنسان الناجح في عمله، المبدع بإتقان في صنعته، هو أكثر من يعاني من أعداء النجاح، وهذا بالطبع نستطيع أن نسميه «سنة الحياة».
د.جمال الحربي وزير الصحة واحد من هؤلاء الناس المبدعين في مجالهم، فهو بحق يعد من أفضل وزراء الصحة الذين يمتلكون إرادة حقيقية للإصلاح، ومع ذلك فالرجل ليس بمنأى عن الانتقاد الجيد أحيانا، والهجوم اللاذع أحيانا أخرى.
ومع أن الوزير أتى باسط يديه بالإصلاح، شاهرا سيف التطوير والتحديث في جميع أركان وجنبات وزارة الصحة، إلا أن هناك أناسا لا يرضيهم هذا الإصلاح، ولا يسعدهم أن يروا الدكتور الوزير المصلح، ينبش في مقبرة التحجر والفساد الذي يتضح يوما بعد يوم مدى حجمه الكبير، والذي أصبح من المستحيل أن يقف في وجهه د.الحربي منفردا، بل يحتاج إلى رجال من وزارة الصحة يتبعون معه هذا النفس الإصلاحي الجريء.
خلاصة القول أننا نود أن نبعث برسالة للدكتور الحربي مفادها أنه لابد أن يسير إلى الأمام، وألا يلتفت إلى الخلف مطلقا مهما قيل في حقه من أعداء النجاح، ومهما حاول أولئك أن يضعوا العراقيل والمعوقات، فالطريق الذي تسير فيه يا د.حربي هو نفس الطريق الذي يتمناه الكثيرون في وزارة الصحة، ومنذ أمد بعيد، والآن وجدنا بحق القائد المصلح الذي يتقدم الصفوف لقهر الفساد، سر على بركة الله واعلم أن الإنسان لا يستطيع أن يرضي الناس جميعا.