جميل حقا وعظيم أيضا أن نرى بصيص أمل يولد من رحم الظلام الدامس، ذلك الانتصار العظيم الذي حققه المقدسيون على الكيان الصهيوني الغاشم بعدما نجحت الإرادة في كسر حصار المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين من براثن بوابات جيش الاحتلال الإلكترونية.
إن أهلنا في فلسطين المرابطين هناك يستحقون بحق أن نرفع لهم القبعة إجلالا واحتراما، عرفانا بدورهم الكبير، وإرادتهم الصلبة التي وقفت في وجه جيش الاحتلال فلم يلينوا أبدا، ولم يستسلموا حتى تحقق لهم النصر المؤزر، فضربوا بذلك أروع الأمثلة، وقدموا أعظم التضحيات.
إن الواجب يحتم في الأصل على كل مسلم نصرة المسجد الأقصى، فالأقصى مسرى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولم تكن مصادفة أبدا معراج الأنبياء منه، ومن هناك تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنبياء ليؤمهم للصلاة، والأقصى في قلب كل مسلم، بل هو بمكان القلب من كل مسلم ومسلمة.
ومن هنا يجب على جميع المسلمين تثقيف الأجيال وغرس حب القدس الشريف فيهم، بل وإشعارهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم تجاه هذا المسجد الأقصى، وإظهار المخاطر التي تحدق به، والمؤمرات التي تحاك في الخفاء للسيطرة عليه.
إن ما تفعله إسرائيل من محاولات مستمرة لطمس هوية القدس الشريف لن تنطوي بأي حال من الأحوال علينا، ولن نتركه لهم مهما حاولوا أن يخفوا الحقائق، ويزيفوا التاريخ، لأننا ببساطة نمتلك إرادة حديدية لا تضعف ولا تلين في وجه المستعمر مهما أوتي من قوة وعتاد «والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون» «يوسف21».
ويتبقى أن نقول إن السبب الرئيسي الذي يجعل الكيان الصهيوني «يتعنتر» على أهلنا في فلسطين هو ذلك التشتت العربي الذي يسود الأمة العربية، ويفت في عضدها، ويوهن جسدها، ومن هنا كان لزاما على الأمة العربية أن تعتصم بحبل الله جميعا ولا تتفرق، وأن تعرف جيدا عدوها الذي يريد أن يتعدي على إرثها التاريخي، وممتلكاتها المقدسة ففي الاتحاد دائما قوة، وفي التفرق ضعف ووهن.