في حديث بيني وبين صديقي بوسالم حول رحلته القادمة إلى سلوفاكيا دار الحوار التالي:
«عسى ما شر رايح علاج»؟ رد علي على الفور قائلا: لا رايح راحة واستجمام، وأبعد عن وضع البلد ومشاكله. قلت باستغراب: أي وضع تقصد؟ فقال لي: الوضع السياسي. زادت دهشتي وتساءلت: مازلت لا أفهم أي وضع سياسي تقصد؟!
وكان صديقي قد بدا على وجهه الوجوم وهو يقول: أولادك يتكلمون في السياسة؟ قلت له: لا. فقال: وزوجتك؟ أجبته: لا. فأسرع قائلا: والديوانية؟ قلت له: أنا لا أذهب إلى ديوانيات. فقال بنبرة أكثر حدة: إذن وربعك؟ أجبت على الفور: الصراحة «ما عندي ربع». تنهد الرجل تنهيدة تنم عن أنه قد ضاق ذرعا، ثم أردف قائلا: بصراحة دكتور وضعك صعب. أطرقت قليلا وأنا محتفظ بهدوئي ثم سألته: لماذا؟ فأجاب على الفور: لأنك لا تفهم في السياسة!
فكرت هنيهة ثم قلت بهدوء: أنا لا أفهم معنى كلمة سياسة، بل لا أعترف بوجود كلمة سياسة، فالسياسة في نظري هي فزاعة اخترعها إنسان ذكي لتخيف الناس، ويحير البسطاء من الشعب، وكأنها شيء من المحرمات، وذكرته بالردود التي وصلتني بعد كتابة مقالي الأخير وكانت أغلبها من عينة «أنت شيفهمك في السياسة؟ خلك في الطب أحسن، وشوف الفساد والخراب اللي في وزارتكم وزارة الصحة الأول»، فكان جوابي: أنا مواطن كويتي أولا غيور على بلده، قبل أن أكون طبيبا، وثانيا أنا أعمل في جامعة الكويت، وليس وزارة الصحة.
كان بوسالم يستمع إلى حديثي بعناية واهتمام كبيرين، حتى إنه عندما انتهيت منه إذا به يقول: يا صديقي، إن السياسة هي فن الممكن، فن المستطاع، فن اللعب بالكلمات، فن لعب الأدوار، فن مصلحتي أولا وفقط «اليوم صديقك باجر عدوك والعكس، فن فرق تسد»، كنت أستمع بشغف إلى صديقي حتى انتهى من حديثه فرددت: «شكلك تفهم في السياسة أحسن مني».
دار حديث مطول بيني وبينه قال خلاله بوسالم وهو يأخذ نفسا عميقا: ليت يعود بنا الزمان إلى أيام المغفور له الشيخ عبدالله السالم أبو الدستور، وكيف كنا سباقين إلى الديموقراطية، وكيف تعامل الشعب معها. رددت على الفور قائلا: دعني يا صديقي أختلف معك في الرأي، فالدستور واحد لم يتغير، أما المشكلة الحقيقية فتكمن في أن شعب 61 ليس شعب 2017.
يا صديقي «وماكو شيء اسمه سياسة ولا بطيخ، هذي علاقة يعلق عليها الشعب عيوبه».
وفي النهاية يا صديقي تبقى كلمة حق، وهي: يجب أن يكون هناك شعب يعرف معنى الديموقراطية لإعطائها له.