مما لا شك فيه أنه منذ مجيء د.جمال الحربي وزيرا لوزارة الصحة، استبشر الأطباء الذين يميلون إلى النفس الإصلاحي خيرا، فالرجل جاء واضعا يده على مكامن الخلل، ومواطن الزلل التي تضرب جنبات الوزارة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، والذي نريد أن نلفت نظر الوزير الحربي إليه هو أن الوزارة تقوم بشراء معدات وأجهزة وأدوية ومستهلكات بمبالغ مما يؤدي إلى هدر بيّن يقدر بنسبة 20:30% من قيمة المشتريات يذهب لصالح أياد خفية بطرق غير قانونية، وهذا يؤدي الي استنزاف كبير وخطير للمال العام.
وهناك حلول جيدة لهذه القضية وبسيطة في الوقت نفسه إذ إنه من الممكن شراء هذه المستلزمات الطبية من مناقصات مجلس التعاون الخليجي، وذلك لأن لديهم اتفاقية «الشراء الموحد» من الشركة الأم مباشرة، مما يوفر على الدولة نحو 50% من قيمة هذه المستهلكات، ولكن ـ مع الأسف - يتم الشراء من السوق المحلي «للمصالح».
ومن الأشياء التي تبدو في منتهى الغرابة بوزارة الصحة كذلك أنه لا توجد آلية محددة وواضحة لطريقة الشراء أو تحديد الكمية، فهل تعلم عزيزي القارئ أن الطبيب مثلا عندما يريد شراء مستهلكات عليه أن يخمن الكمية، مما يعرضه التخمين لأحد أمرين كلاهما مر، فإما أن تكون الكمية قليلة فيحدث نقص في المستهلكات الطبية، أو كثيرة فتؤدي إلى فساد كمية كبيرة منها.
وحل هذا المعضلة التي تجعل الطبيب في حيرة من أمره بسيط جدا، وهو لابد من وجود آلية محددة ومبرمجة تتصل مباشرة بإدارة المستودعات الطبية بحيث عندما يتم استهلاك 75% من المستهلكات يتم استبدالها أتوماتيكيا دون تدخل الطبيب.
كذلك يتحتم على المستودعات الطبية أن يكون لها الصلاحية في مناقشة الوكيل المحلي في الأسعار لأنه من المعروف أن معظم المستهلكات والمعدات الطبية لها أسعار عالمية معروفة، ومحددة سلفا نستطيع الحصول عليها من «الإنترنت».
ولا ننسى ما حدث أخيرا في مستشفى القلب حيث تم إتلاف ما قيمته 5 ملايين دينار من دعمات ومستلزمات القلب لأنه لا توجد آلية تنظم العملية مما أدى إلى أن الأطباء طلبوا أكثر من الحاجة أو مما توقعوا استخدامه فكانت هذه النتيجة.
إن وجود آلية محددة تنظم مثل هذه العمليات توقف هدرا كبيرا في المال العام، وتوفر على الدولة مبالغ طائلة ولوزارة الصحة، تستطيع استخدامها في تطوير المستوصفات، وتطوير النظام الإلكتروني.
وكل ما سبق يعتبر قدرا ضئيلا من كم الهدر الهائل الذي يضرب جنبات وزارة الصحة، ونحن الأطباء نتقدم إلى وزير الصحة د.جمال الحربي بهذه الأفكار الإصلاحية، ونحن على يقين من أنها ستجد أصداء إيجابية لديه، وأنه سيسعى جاهدا لتبني مثل هذه الأفكار الإصلاحية التي تغلق صنبور الهدر المفتوح، وتوقف استنزاف موارد هذا البلد العزيز.