يقول المثل: «يا سراجين يا ظلما»، أي أننا إما نحصل على فانوسين (قنديلين) أو نعيش في ظلام، واعتقد أن هذا المثل معبر على الأقل حتى الآن عن حالتنا مع اختياراتنا لمجلس الأمة في كل انتخابات، فإما أن يخرج باختياراتنا وخيارنا ورغبتنا مجلس طبعه مهادن للحكومة حتى النخاع كمجلسي 2013 و2014 أو نخرّج مجلسا شرسا صداميا كمجلس 2020 الحالي الذي بدأ مشواره قبل أن يقسم أعضاؤه على معركة سياسية لا ناقة لنا فيها أو جمل كمواطنين، بل هي معركة قوى سياسية كان يفترض أن تتوقف عن الرمي بحطب نار معاركها الآن، وأن ترفع يدها عن التدخل أو التداخل في مجلس لم يبدأ مسيرته بعد.
***
أول مشوار الأغلبية عبارة عن معركة سياسية منذ الآن خاسرة، وعامة سواء كسبوا هذه المعركة أو خسروها فالنتيجة الحتمية واحدة هي الدخول بعدها في صدامات نيابية- نيابية وصدامات نيابية- حكومية، وبالتالي الدخول في أزمة سياسية خانقة تخلق من لا شيء وبالتالي أعتقد أن الحل سيكون حلا لمثل تلك الأزمة السياسية المفتعلة، وأعني ما أقول عندما أقول مفتعلة، فليس من مصلحة أحد رفع سقف الصراع السياسي من جديد، خاصة ان المعارضة او المعترضين لا يمتلكون أجندة سياسية واضحة ولا برنامجا واضحا، بل دخلوا في معركة سياسية دون حسابات ربح وخسارة، وكما ذكرت سواء ربحوا المعركة أو خسروها فالنتيجة الحتمية ستكون حل البرلمان لما سيعقب تلك المعركة من صراع سياسي سيتمدد وستتدخل به أطراف من داخل البرلمان وخارجه.
***
لا أحد ضد المعارضة، بل بالعكس وجودها ضروري لتقويم أي انحراف تقوم به الحكومة في أي وقت وحتى لا تتسيد بالقرار وحدها، ولكن أن تذهب المعارضة إلى افتعال معركة سياسية ليس لها داع خاصة أمام استحقاقات شعبية أكثر أهمية من معركة صدام مبكرة.
***
الاستحقاقات الشعبية أهم، وهي مواجهة أي قوانين إصلاح حكومية من شأنها المساس بجيب المواطن، والقضية الإسكانية وتطوير التعليم والمنظومة الصحية وفتح ملفات الهدر المالي والفساد، أما إهمالها وجعل الاجتماعات الأولية تبحث في طرح معركة سياسية ليس لها أدنى تأثير على حياة المواطن ولا تهم سوى أطراف سياسية معينة، أطراف لا يعنيها إن عاش المواطن في رخاء او رفاه بل كل همها تحقيق مصالحها في مد نفوذها عبر تلك المعارك السياسية.
***
لا، لسنا معكم، ونحن معكم في تعديل اعوجاج عمره 7 سنوات، ولكن ليس بالطريقة الصدامية العالية النبرة، كنا نتمنى صداميتكم هذه لانتزاع حقوق المواطنين ولترتيب الوضع الاقتصادي بما لا يمس جيب المواطن، والاهم فتح كل ملفات الفساد وغسيل الأموال على مصراعيها بكل شفافية، أما أن تختزلوا صراعكم في شخوص كان يمكن أن تكون معركة سياسية جانبية عابرة، ولكن أن تجعلوها أم المعارك ونهاية النهايات فهذا ما لا نرغبه ولا نريده كناخبين، فنحن ما صوتنا لكم من اجل صراع سياسي بل من أجل إصلاح سياسي، ونراكم للأسف دخلتم وأدخلتمونا معكم في صراع النفوذ بدلا من معركة محاربة الفساد.
***
توضيح الواضح: إذا استمر النفس النيابي بهذه الحدة فلن نستغرب من أن يكون هذا المجلس.. قصير عمر.
[email protected]