الحالة المؤسسية مهمة وقوتها في العمل الجماعي وإشراك المتخصصين في اتخاذ القرار، وكذلك دمج الرؤية المستقبلية في أي قرار يتعلق بالحاضر الحالي أو الخطة قادمة، وهذا ضمن متطلبات النجاح الإداري، فالمؤسسة ليست استعراضا لـ«شخص» واحد فقط، بل هو تناغم اختصاصيين يفجرون إبداعاتهم الشخصية الفردية ضمن هيكل إداري تنظيمي موحد والتزام قانوني دون استثناء من هنا وترضيات اجتماعية من هناك.
وكذلك ليس موقع المسؤولية الرئيسي هو منصب «للوجاهة» وليس منصبا للعلو الاجتماعي، وليس منطلقا لتنفيع الأقرباء أو الاتباع بعيدا عن الاختصاصيين المتعلمين أصحاب الشهادات «الحقيقية».
كل السلبيات والأخطاء والفشل تفضحها الأزمات والكوارث، حيث يعرف الناس «القدرة الحقيقية للفرد المسؤول» وكذلك قوة المؤسسات ومتانتها ومدى نجاح الأنظمة الإدارية فيها وكذلك النظام الاقتصادي وهو شريان حياة المجتمع ومصدر معيشته.
ولنا فيما حصل بالولايات المتحدة الأميركية المثال، حيث تستمر العاصفة «أوري» في إحداث فوضى في ولاية تكساس وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة - حيث توفي ما لا يقل عن 20 شخصا من عاصفة الشتاء غير المسبوقة منذ أكثر من ثلاثين عاما.
لقد تم ترك أكثر من ثلاثة ملايين منزل من دون كهرباء، مع انتشار طوابير بشرية طويلة شوهدت في جميع أنحاء ولاية تكساس ومدنها، حيث أزمة توافر الغذاء وباقي الخدمات المعيشية.
علينا أن نعرف أن تكساس ولاية غنية بالبترول والغاز، ومع ذلك اتجهت للطاقة النظيفة مثل الشمس والهواء من باب الحفاظ على البيئة، ولكن ضمن هذه الأعاصير تم كشف تهالك البنية التحتية وأيضا عدم القدرة المؤسساتية على التصدي لأي طارئ مستجد، وهذا يعطينا أن هناك خللا عميقا وكذلك كان هناك عدم قدرة على قراءة المستقبل والتوقع بالمخاطر المترقبة وصناعة آلية تعامل مع الأزمات إن حصلت.
حيث حدث إعصار جليدي فتجمدت مولدات الطاقة في مراوح الرياح نتيجة للبرد فحصلت الكارثة وفشلت المؤسسات حركيا وانكشفت العيوب وانفضح المستور.
حيث تم إغلاق أكبر محطة تصفية نفط في أميركا في تكساس بسبب البرد وقلة الطاقة، وتم وصف الأمر وكأن الولايات المتحدة الأميركية بلد من العالم الثالث!
وانقطعت الطاقة عن تقريبا ملايين المنازل ومن كانوا محظوظين في عدم انقطاع الكهرباء عن منازلهم وشركاتهم تم إصدار فواتير مالية لهم بأسعار خيالية حسب قانون العرض والطلب الرأسمالي المعمول به في الولايات المتحدة الأميركية، مما سبب فضيحة إعلامية وغضبا شعبيا وأيضا سخرية لاذعة من استغلال المأساة للربح المادي.
كاوبوي تكساس تجمد هناك، وهذا مثال على فشل مؤسسي وسوء إدارة و«عقم» نظام اقتصادي لا يخدم الطبقات الشعبية ولكي لا يتجمد «كاوبوي» آخر في موقع مختلف من الكرة الأرضية! هناك من عليه أن يفكر في طريقة أخرى وأسلوب مختلف!، وإلا فإن الكارثة ستتكرر ولكن ستكون أكثر من مسألة الجليد والتجمد.