نفثت دخان سيجارتي بقوة، وأخذت «أتمقل» تشابك خيوط دخان معشوقتي وهي تتصاعد إلى الأعلى، «سرحت» بعيدا وبدأ شريط مسرحية «المشهد السياسي» يعرض أمامي بكل تفاصيله وبكل ما حدث من «جمبزة» و«عچاف» من بعض المتكسبين، طرأ ببالي في هذا الحين موقف حصل لي قبل سنوات عديدة مع والدي، رحمة الله عليه، ففي أحد أيام طفولتي «الشلايتيه» أخذت عصا من حديقة منزلنا ونظفتها و«تيبتها» بشكل احترافي رغبة مني بتقديمها للوالد ليضرب بها إخواني وأخواتي فأستمتع بمنظر ضربهم «لعانه»، ظللت طوال اليوم وأنا أعد العدة لتلك الخطة الجهنمية وما إن حل الليل ورجع الوالد إلى البيت ركضت نحوه وقدمت له العصا منتظرا الحدث السعيد، وفي تلك الأثناء شم الوالد فيني ريحة «زقاير»، فقال أيا الهيس وطاح فيني طق، يعني انقلب السحر على الساحر!
نفس الأمر كأني أشاهده يحدث اليوم بين الحكومة والنواب، فالنواب ما إن يهددوا بقضية ويتفاعل معهم فيها الشارع الكويتي «كحالي وأنا أتيب العصا» حتى تقوم الحكومة بأخذ هذه القضية «العصا المتيبة» وضرب النواب بها، على سبيل المثال بعض النواب الذين كانوا يطالبون بسحب جناسي من يخالفهم في توجههم وفكرهم دارت الأيام وتم ضربهم بعصا الجناسي، ولنا في قضية حرمان المسيء من حق الترشح لعضوية المجلس مثال آخر، حيث كانت النية في بداية الأمر وتحديدا مقترح نواب المجلس المبطل ٢٠١٢ الذين طالبوا بإعدام المسيء وتم رد المقترح ورفضه من الحكومة «مشكورة»، وبعدها تمت إعادة المقترح لكن بتغيير طلب الإعدام إلى حرمان من حق الترشح للمجلس، وها نحن نرى العصا التي كانت تنادي بإعدام المسيء «تيبب» على ظهور مقترحي هذا القرار!
واليوم تظهر لنا «بدعة» جديدة وهي «عزل الرئيس» حيث لم يعتبر بعض نواب الأمة من الدروس السابقة وإن نجح مخططهم هذا، فإن هذه السابقة التاريخية ستكون العصا الجديدة التي «ستجلد» بها الحكومة أي رئيس قادم في حال لم «يمش على هواها».
نصيحة محب لهذا الوطن.. لا «تتيبون» عصا جديدة للحكومة تضربكم بها مستقبلا، وغفر الله لنا ولكم، والوعد بالجنة بإذن الله.