تحدثت في مقالة سابقة لي عن ضرورة فتح ملفات اكبر عدد من المسؤولين السابقين ممن تولوا مهام وزارية، وهيئات حكومية، على أن يكون فتح هذه الملفات هو البحث عن اختلالات مالية أو إدارية تكون قد كلفت المال العام الملايين، واقترحت أن تكون الجهة الموكلة بالبحث هي «نزاهة» فهي الأقدر قانونيا على القيام بمهمة مثل هذه.
***
واستندت فيما ذهبت إليه إلى أن التعدي على المال العام لا يسقط بالتقادم، لذا نحن لسنا بحاجة إلى قانون جديد أو بالأصح تشريع جديد لكشف اللصوص السابقين، القانون موجود والهيئة الرقابية موجودة وأرشيف المعلومات عن المناقصات موجود لأكثر من ثلاثين عاما سابقة.
***
ولعل من باب أولى أيضا أن يتم البحث توازيا عن الوزراء والقياديين الإصلاحيين، فليس كل من عمل بالحكومة او هيئاتها متهما بالضرورة بالفساد، فكثيرون عملوا تحت الضوء أو بعيدا عن الأضواء وحققوا مكاسب وحافظوا على المال العام ونهضوا إداريا بهيئاتها وجددوا بالعمل فيها وطوروها وجعلوها أنموذجا بعد أن كانت نسيا منسيا.
***
ومـــما وجـــدت من تجربتي القريبة التي تنـــطبق علــيه إلى حد كبير صفات القيادي الإصلاحي منذ كان وكيلا مساعدا إلى أن أصبح وزيرا حتى تولى رئاسة الهيئة العامة للطيران المدني واستطاع خلال هذه النقلات أن ينهض بكل وزارة أو قطاع تسلمه، وهنا أعني الشيخ سلمان الحمود الصــباح، حيث ما قبل توليه حقيبة الإعـــلام كان يسعى إلى ترقية وتـــحديث القطاعات التي تسلمها سابقا.
***
القياديون من هذه النوعية حتى وإن غادروا المنصب يفترض أن يتم استثمار نجاحاتهم، بل الأولى أن يتم استثمار عقلياتهم الإدارية والإصلاحية، ومن ثم إدخالهم بالحكومة كمستشارين من درجة رفيعة، ذكرت الشيخ سلمان الحمود لقربي من تجربتي منه ومن غيره الكثير، مثل هؤلاء الوزراء والقياديين يفترض أن يكونوا «خزان تفكير» للحكومة، خاصة إذا ما كانت الحكومة جادة في سعيها نحو الإصلاح ومحاربة الفساد ووقف الهدر في المال العام.
***
طبعا، لا يوجد أي مانع في إعادة توزيرهم، وأتكلم هنا من وجهة نظر تقنية مصلحية وليست سياسية، وعندما أقول مستشارين فلا أعنى أن يكونوا مستشارين عند الوزراء بل مستشارين في هيئة تتبع مجلس الوزراء نفسه، على أن يكونوا عقل الحكومة الإصلاحية والذي يمكن أن يكون طريق النجاة السياسية خلال الفترة المقبلة للحكومة، برأيي أو بظني أن ثلاثة من أولئك القياديين الإصلاحيين أفضل من توني بلير وربعه بمراحل.
***
توضيـح الواضح: بعــض الأطباء يصل بمستوى أخلاقياته المهنية إلى درجة يصبح معها أقرب صديق إلى المريض مهما بلغت الحالة من الصعوبة، ومن الأطباء الذين قابلتهم ويتمتع بهذه القدرة الفائقة د.محمود عبدالماجد، الذي كان أفضل من يقدم المعلومة للمريض حـول مرضه وعلاجه بطريقة سهلة سلسة لا لبس فيها، الدكتور محـــمود أنموذج رائع لهذه النوعية من الأطـــباء، التي نـــحن أحوج ما نكون إليها في كل التخــصصات.
[email protected]