وأنا أراجع أرشيفي الخاص استوقفتني المقالة أدناه والتي كتبتها في جريدة الأنباء بتاريخ 10 مايو 1998 العدد 7894 والتي يعكس عنوانها ومضمونها واقع حالنا اليوم.
الاحتياجات متنامية والخطوات متأنية
قد يتفق معي القارئ الكريم بأن المرء إزاء استعراض بعض البيانات وتحليلها والربط بينها وقوفا على مدلولاتها المستقبلية، يتولد لديه شعور بالتشاؤم نتيجة لإسقاطات الماضي، وهذا ما شعرت به وأنا أراجع ضمن أرشيفي الخاص تقريرا نشر في إحدى الصحف المحلية بتاريخ 25/12/1997 موجها من وزير التخطيط ووزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية السابق الى مجلس الأمة متضمنا بعض البيانات الخاصة بالقوى العاملة طالبا من المجلس عرضه بصفة الاستعجال، ولكن كما تعودنا لم يأخذ الموضوع صفة الاستعجال ولكن التعجل جاء من الوزير حيث استقال قبل ان يضع مشروعة الطموح «كويت 2025» على الطريق والذي حدد الرؤية المستقبلية ضمن إطار علمي متكامل يستحق الثناء والإشادة مع تمنياتي للخلف ان يكمل ما بدأه السلف، وألا يعاد بنا إلى المربع الأول، وهذا ما تعودناه عند قدوم وزير جديد والله يستر.
المهم ان التقرير عكس الأرقام التالية:
1 - ستتراكم في الفترة من 1998 حتى 2010 أعداد تصل الى 203.100 موظف جديد من الكويتيين في القطاعات الحكومية وتبلغ تكلفتهم حوالي 1.649 مليون دينار فضلا عن الباقين في الخدمة من العاملين حاليا.
2 - سيزيد هذا العدد ليصل في الفترة من 1998 حتى 2025 الى 610.000 موظف جديد تبلغ كلفتهم 6.000 مليون دينار.
ولنتخيل إزاء هذه الأرقام ما سيكون عليه الوضع الوظيفي في الكويت مستقبلا وخاصة إذا ما استحضرنا في أذهاننا ما يلتهمه الباب الأول من نفقات تصل الى 60% من إيرادات الدولة، وكذلك ظاهرة البطالة السافرة والمقنّعة وإنتاجية الموظف في القطاع الحكومي. والأخير يوظف الآن ما نسبته 98% من العمالة الكويتية.
وقد جاء في أسفل الصفحة نفسها المنشور بها تقرير القوى العاملة خبر مفاده ان رئيس اللجنة الإسكانية في مجلس الأمة قد وجه الدعوة الى ثلاثة وزراء ورئيس المجلس البلدي، ومدير بنك التسليف والادخار للوقوف على ما توصلت إليه الحكومة من توصيات بشأن تطبيق القانون رقم 27/95 الخاص بالرعاية السكنية، وأيضا استذكرت وأنا أقرأ الخبر عدد الطلبات المتراكمة لمستحقي الرعاية السكنية والتي بلغت حاليا 50.000 طلب وبمتوسط فترة انتظار تصل الى 10 سنوات، ويتطلب التجاوب مع هذه الطلبات المتراكمة توفير ما يقارب 5.000 مليون دينار.
وإذا ما ربطنا بين تقرير القوى العاملة والوضع الإسكاني في الكويت فإن الصورة تصبح قاتمة ولا تدعو الى التفاؤل إذا ما ظل العزف على آلة القطاع الحكومي دون إشراك القطاع الخاص في أغنية المستقبل الوطنية لتنعم الأجيال القادمة على الأقل بالحد الأدنى من الرفاه الذي تمتع به جيل الخمسينيات والستينيات حيث الرفاهية العشوائية غير المبنية على التخطيط الاستراتيجي.
وأتمنى ألا تظل الحال على ما هي عليه من الصراعات والمزايدات فيما بين السلطتين لأن الخاسر مستقبلا هو كل الكويت.
وإنني ضمن هذا المقال المتواضع إنما أستعرض أرقاما ولا أضع حلولا لأن الأخيرة في اعتقادي معروفة ومفتاح انطلاقتها اتخاذ قرارات غير شعبية مدعومة بمبادرات سريعة وحازمة لوضع التوصيات الخاصة بمعالجة عجز الموازنة، والتركيبة السكانية وهيمنة القطاع العام موضع التنفيذ، مع التأكيد على عدم التراخي في مسيرة الإصلاح الاقتصادي عند أي بوادر تحسن في أسعار النفط والتي في تقديري الشخصي المتواضع لن يزيد معدلها على 15 دولارا للبرميل الواحد في المتوسط على الأقل للسنوات الـ 3 المقبلة، وهي الفترة التي يعتقد معها ان اقتصادات الدول الآسيوية ستعاود النمو التدريجي إذا ما تقيدت بشروط برامج الإنقاذ المالي المقدم من البنك الدولي.
والله أسأل أن يأخذ بأيدي المخلصين في وطننا العزيز.