قال الله تعالي (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون).
ويقول سبحانه وتعالى (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون).
إنها الصورة الحقيقية لأفعال الإنسان ونواياه وغاياته فالإنسان أحد نوعين: إما غافل أخضع روحه وفكره لزخارف الدنيا والسعي وراء زينة الحياة وشهوات الدنيا، وإما المؤمن الثابت على الحق والواعي بفهم حقيقته وغايات الحق في اختيارات الحياة وهذا هو واقع الإنسان اليوم.
هناك سؤال واحد يواجه الذهن الإنساني يوميا، ويجب أن نجيب عنه بشكل عملي فإننا أمام التمايز بين طريقين:
الأول هو طريق الغفلة فنصنع إنسانا غافلا تهوي به الحياة في متاهاتها وما أكثرها إذ تتفرع بين متاهات الاضطراب والاكتئاب والحزن الداخلي، ومتاهات الغفلة والجري وراء ملذات وشهوات الجسد وغيرها، ومن هنا كان الناس في سبات عميق لذيذ لكنه سبات قاتل يغتال ببطء وخبث تلك الروح الطيبة الربانية المستترة في جوانحنا.
أما الطريق الثاني فهو طريق التيقظ الشجاع، وهو أولى مراحل السير إلى السمو والنقاء والقرب الإلهي، ولكن هذه المرحلة الأولى هي أصعب المراحل لأنها مرحلة التأسيس لانتفاضة إنسانية تمسح وتلغي الماضي الممثل باللهو واللعب وتفتح صفحة جديدة عنوانها الإنجاز والابتكار في مسيرة حياة الإنسان نحو تغيير الأفعال لتصبح أفعال خير ونجاح وسداد يتناغم مع الدعوة الإلهية التي تبدل الحال إلى أفضل الأحوال وهذه نعمة عظيمة لا تقدر بثمن، إلا أن أغلب الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا كما قال أمير المؤمنين عليه السلام ولكنها نعمة مقرونة بالحياة فعندما يموت الواحد منا تنقطع أعماله وعندئذ تتغير الموازين فمن موازين مادية وغير أخلاقية إلى موازين حقيقية لا مراء فيها ولا وهم ولا إخفاء فيه للواقع ولا تزييف.
التيقظ يستدعي منك أيها الإنسان أن تعيش الشجاعة وتواجه نفسك روحيا وتحدثها فكريا لكي تحظى بتغيير حقيقي وعلى مستوى ملموس محسوس في حياتنا على مستوى علاقة النفس بالنفس وعلى مستوى علاقة الذات بالآخرين.
إذا أردت أيها الإنسان الخلود خلود نقاء الروح فاعلم أنه لا سبيل إليها إلا بالصدق والإيمان بالقيم الحقيقية وبالأفعال السامية وأولها الإخلاص فالإيمان هو ملتقى كل القيم بفعل الروح وعزيمة العقل.