قالـــت خبيـــرة علــم الحشرات والأستاذ المساعد بقسم العلوم في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي د.جنان الحربي إن الحرب البيولوجية ليست وليدة العصر الحديث ومفهوم استخدام الحشرات كسلاح بيولوجي قديم جدا.
وأضافت الحربي في تصريح لـ «الأنباء» أن التهديدات الأمنية التي تشكلـهـــا المفصـلـيــات سواء كانت طبيعية أم متعمدة يجب ان تكون مصدر قلق لنا جميعا، لافتة إلى أن علماء الحشرات لديهم القدرة على تحويل الحشرات لأسلحة بيولوجية ضد المحاصيل الزراعية أو استخدامها كناقلات لنشر الأمراض بين الحيوانات والبشر بتقنيات مختلفة. فمن المميزات التي ساهمت في التركيز على الحشرات كسلاح بيولوجي صغر حجمها، حيث توجد أنواع عدة لا ترى بالعين المجردة، إلى جانب سهولة حركتها وقوة جهازها المناعي.
وذكرت أن الحشرات هددت العسكريين والمدنيين عبر تاريخ البشرية. فمن المعروف أن الأسلحة البيولوجية قد استخدمت لأغراض عسكرية أو سياسية منذ عام 1340 على الأقل، وخاصة بعدما سلحت حشرة البرغوث ببكتيريا «اليرسينيا» التي تسببت في انتشار مرض الطاعون الدبلي الذي يعتبر من أعتى الأمراض التي مرت على البشرية.
وأضافت: حشرات عدة استخدمت قديما كسلاح بيولوجي، مثل حشرة النحل التي استخدمها أمير أوزبكي لتعذيب ومهاجمة أعدائه. كما قام الجيش الأميركي برش فيرمونات تلك الحشرة على الجنود الفيتناميين. وأيضا، قامت اليابان باستخدام قنابل الطاعون الدبلي ضد الصينيين أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث احتوت كل قنبلة على 30.000 برغوث من جنس «بيولـكـــس اريتـــانتس» محقونة ببكتيريا الطاعون ومزودة بالأكسجين.
واستطردت الحربي: كما قام الجيش البريطاني بنشر فيروس «فاريولا» المسبب لمرض الجدري من خلال حشرات وجدت في البطانيات أعطيت للأميركيين الأصليين. وفي 1940 استخدم اليابانيون حشرة البراغيث لنشر بكتيريا «فرانسيسـيــــلا تولارانـسيــس» المسـبـبـــة لمـــرض «التولاريميا» المميت ضد الصينيين، وكانت تلك الحشرات مخبأة في طائرات محملة بالحبوب.
وبينت أنه عادة ما يتم تطوير الحرب البيولوجية كعمليات سرية. على الرغم من أنه يمكن استخدامه في الحملات الدعائية لخلق الخوف بين العدو ويتم الحفاظ على الطبيعة السرية للقضاء على الأدلة التي يمكن أن تستخدم في محاكم جرائم الحرب الدولية في المستقبل.
ثم تساءلت الحربي: فما هو السلاح البيولوجي القادم؟ وأي كائن سيستخدم هذه المرة؟ لتجيب بالقول: غالبا ما يكون من الصعب تحديد ما إذا كان التهديد الذي تنقله الحشرات حدثا بيولوجيا طبيعيا أو فعلا متعمدا.
ولكن لا نستبعد مثلا تسليح حشرة الجرادة المهاجرة أو الصحراوية، فبإمكان تلك الحشرة أن تعبر المحيطات والقارات ذهابا وإيابا دون حدود ناقلة معها أمراضا عدة، أو استخدام البعوض «انوفيليس» الناقل لمرض الملاريا، وخاصة بعد أن تم تطويره جينيا وتعديل قدرته على نقل الأمراض، ففكرة استخدامه كسلاح بيولوجي قديمة وطرحت أثناء الحرب العالمية الثانية من قبل النازيين. ومؤخرا تداولت بعض الأبحاث خطورة «حشرة الجندي الأسود» كناقل للأوبئة القاتلة وكيفية تجنيدها في الحروب البيولوجية.