أوضح الخبير الفلكي عادل المرزوق أن تحديد منازل القمر بدقة وعلاقة أهلّة الشهور القمرية (الهجرية) لابد أن يكون وفق دراسة فلكية، مشددا على أنه لابد أن تكون بداية هذه الشهور وفق الرؤية الشرعية أو اكتمال عدة الشهر، في حال عدم رؤية الهلال (شهور رمضان وشوال وذي الحجة). وكشف المرزوق عن طريقة احتساب الشهر القمري في السنة القمرية، وفيما يلي التفاصيل:
مع اقتراب نهاية الشهر الفضيل والذي تفصلنا أيام قليلة جدا على قدوم عيد الفطر السعيد، أعاده الله على الجميع بالخير والمسرات، بدأت رسائل تردني من بعض الإخوة الأعزاء عن طريق الوسائل المتعددة للتواصل الاجتماعي تطلب مني الشرح الوافي عن الشهر القمري والسنة الهجرية الكبيسة، مع العلم أننا قد تكلمنا مرات عديدة وفي فترات سابقة عن السنة القمرية، ونتكلم هنا مرة أخرى في شيء من التفصيل أكثر بناء على طلب بعض الإخوة الأعزاء عن الشهر القمري وكيفية احتسابه في السنة القمرية أو السنة الهجرية كما يسميها عامة الناس.
ونشير إلى أن الشهر الهجري أو القمري هو عبارة عن دوران القمر حول الكرة الأرضية دورة كاملة، حيث يتم القمر في دورته هذه حول الأرض خلال فترة زمنية مدتها (27 يوما و7 ساعات و43 دقيقة و11 ثانية)، أي تقريبا (27 يوما وثلث اليوم). في مدار بيضاوي أقرب ما يكون إلى الاستدارة ويقطع في دورانه هذا في كل ليلة (12.5 درجة) تقريبا، ما يعني أن القمر يقطع 360 درجة وهو عدد درجات البوصلة وتسمى هذه الدورة الكاملة للقمر (بالشهر القمري = 29 يوما) والتي هي دورة كاملة حول الكرة الأرضية.
وخلال مدة دوران القمر حول الأرض دورة كاملة، وهي مدة الشهر القمري، تكون الأرض أيضا هي قد دارت حول الشمس في مدارها (27 درجة) وهي التي تساوي أو تعادل شهرا قمريا تقريبا أو بصورة أدق بفترة أو مدة زمنية مقدارها (29 يوما ونصف اليوم) ولكي يعود القمر إلى الموقع الذي بدأ منه بعد أن دار حول الأرض دورة كاملة وعليه لابد أن تدور الأرض هي أيضا حول الشمس (27 درجة) وهي ما تعادل الشهر أي أن القمر في هذه الحالة يكون قد دار حول الشمس من خلال دورانه حول الأرض (1.07) درجة في اليوم وهذا ما يجعلنا نرى من خلال هذه الفترة أشكالا لأوجه القمر مبتدئا هلالا ثم محاقا ثم متحولا إلى بدر في منتصف الشهر حتى يعود القمر ثانية الى هلال كما بدأ.
ولكن عندما ظهرت نتيجة الحسابات الفلكية التي قام بها الفلكيون العرب القدماء أن الشهر الهجري (القمري) طوله هو (29 يوما ونصف اليوم) ظهرت إشكالية في عملية كيفية احتساب فترة (نصف اليوم) هذه، فقد أضحت هذه الإشكالية في غاية الصعوبة في كيفية احتساب النصف اليوم هذا، فابتدع علماء الفلك العرب القدماء طريقة حسابية لحل هذه الإشكالية لا تزال تستخدم حتى يومنا هذا، حيث قام علماء الفلك بتقسيم الأشهر القمرية الى قسمين متناصفين 6 أشهر تامة وتكون فيها مدة الشهر30 يوما و6 أشهر ناقصة وتكون مدة الشهر فيها 29 يوما، واستنبط لحل هذه الإشكالية نظام السنة الكبيسة واختاروا شهر ذي الحجة الذي هو آخر شهور السنة القمرية والذي مدته 29 يوما في أن يكون هو الشهر الذي يضاف إليه اليوم في السنة الهجرية الكبيسة كما هو الحال في شهر فبراير الذي مدته 28 يوما في السنة الميلادية يضاف إليه يوم كل 4 سنوات ليصبح 29 يوما في السنة الكبيسة.
ونتيجة لهذه الحسابات الفلكية، أصبح لدينا 5 أنواع من الأشهر:
1 - الشهر القمري ومدته (27 يوما و7 ساعات و43 دقيقة و11 ثانية) أي تقريبا (27 يوما وثلث اليوم).
2 - الشهر الهجري الكامل ومدته 30 يوما.
3 - الشهر الهجري الناقص ومدته 29 يوما.
4 - الشهر الشمسي الكامل ومدته 31 يوما.
5 - الشهر الشمسي الناقص ومدته 30 يوما.
ولكن السؤال الذي واجه علماء الفلك: أي السنوات الهجرية التي تكون سنة عادية وأي السنوات الهجرية التي تكون هي السنوات الكبيسة؟
أما كيفية معرفة السنة الهجرية الكبيسة، فتجرى العملية الحسابية التالية: تقسم السنة الهجرية المحددة على الرقم 30، ولماذا اختير الرقم 30 بالذات للقسمة عليه؟ فقد وجد انه كل 30 سنة هجرية يوجد 11 يوما زيادة أي أن هناك 19 سنة هجرية مدتها 354 يوما، وهناك 11 سنة هجرية مدتها 355 يوما.
ولذلك سنرى كيفية استخدام الرقم 30 والرقم 11 في الحسابات الفلكية.
أولا: استخدام الرقم 30
يستخدم الرقم 30 عن طريق القسمة المطولة لمعرفة سنة هجرية معينة هل هي سنة عادية أم أنها سنة كبيسة؟
تجري العملية الحسابية فتختار السنة الهجرية المحددة وتقسم على الرقم 30 وذلك باستخدام القسمة الحسابية العادية والمطولة وليس باستخدام الآلة الحاسبة، وينظر الى باقي الناتج من هذه القسمة المطولة (نكرر ينظر إلى باقي الناتج من القسمة المطولة وليس ناتج القسمة)، فإذا كان باقي الناتج من القسمة المطولة فيها الأرقام التالية، فإن هذه السنة الهجرية تكون سنة كبيسة والأرقام هي كالتالي:
-2 -5-7-10-13-15-18-21-24-26-29.
ولو طبقا هذه العملية الحسابية فإننا نستطيع معرفة السنوات الهجرية الكبيسة والتي نزيد فيها يوما واحدا نضيفه على شهر ذي الحجة ويصبح 30 يوما ولكن بصورة عامة فإنه وبصورة تقريبية فإن كل سنتين قمرية أو هجرية تقريبا تكون سنة عادية وغير كبيسة فإن السنة التي تليهما تكون سنة قمرية أو هجرية سنة كبيسة.
ثانيا: استخدام الرقم 11
يستخدم الرقم 11 عادة في تحديد بداية تواريخ الأشهر في السنة الهجرية واليوم الذي يقابلها من السنة الميلادية وهي طريقة بسيطة جدا، وهو أن ننقص مدة زمنية مقدارها 11 يوما من كل سنة ميلادية.
وعلى سبيل المثال نشير إلى أن بداية شهر رمضان الماضي كان في يوم 13/4/2021 فعندما ننقص 11 يوما من هذا التاريخ، يكون التاريخ المتوقع لشهر رمضان المقبل هو يوم 2/4/2022 ويمكن استخدام هذه الطريقة أيضا في معرفة بداية يوم العيد سواء عيد الفطر أو عيد الأضحى فكل سنة ننقص مدة زمنية مقدارها 11 يوما، فلو فرض لمعرفة بداية رمضان لمدة خمس سنوات قادمة (5×11= 55 يوما) أنقصنا هذه المدة وهي 55 يوما من بداية شهر رمضان الماضي وهو في سنة 1442هجرية فيكون بداية شهر رمضان المتوقعة في سنة هجرية 1447 هو في يوم 16/2/2026.
ولكن هذه الطريقة ليست دقيقة، فهذه العملية تعطينا فقط صورة تقريبية عن تحديد التاريخ الهجري الذي يتماشى مع التاريخ الميلادي، وهذا لا يمنع أن يتقدم الشهر يوما عن التاريخ الذي حددناه أو يتأخر يوما، ولكن نظل بالمدى المقبول في مجال الخطأ ولو طبقنا هذا الكلام على بداية شهر رمضان المبارك هذه السنة والسنوات المقبلة لوجدنا أن الفارق بين هذه السنوات سيكون (11 يوما) في كل سنة ولنطبق استخدام الرقم 30 لمعرفة السنة الهجرية الكبيسة.
وكذلك لوجدنا أيضا أن السنوات التالية: سنة 1445 وسنة 1447 وسنة 1449هي سنوات هجرية كبيسة. ولنطبق هذه العمليات على السنوات الست الهجرية المقبلة وهي:
1 رمضان سنة 1444 سيكون بإذن الله يوم الخميس 23/3/2023
1 رمضان سنة 1445 سيكون بإذن الله يوم الاثنين 11/3/2024 (هذه السنة سنة هجرية كبيسة)
1 رمضان سنة 1446 سيكون بإذن الله يوم السبت 1/3/2025
1 رمضان سنة 1447 سيكون بإذن الله يوم الأربعاء 18/2/2026 (هذه السنة سنة هجرية كبيسة)
1 رمضان سنة 1448 سيكون بإذن الله يوم الاثنين 8/2/2027
1 رمضان سنة 1449 سيكون بإذن الله يوم الجمعة 28/1/2028
1 رمضان سنة 1450 سيكون بإذن الله يوم الثلاثاء 16/1/2029 (هذه السنة سنة هجرية كبيسة).
ولكن تحديد منازل القمر بدقة ومعرفة أهلة الشهر القمري (الهجري) بدقة أيضا لابد أن تكون وفق دراسة فلكية وحتى هذه وأعني تحديد موقع القمر أو منزلته فلكيا، فهو لا يعتد بها شرعا، فهناك 3 شهور في السنة الهجرية لا يعتد للفك بها، ويجب أن تكون بداية هذه الشهور وفق الرؤية الشرعية أو اكتمال عدة الشهر في حال عدم رؤية الهلال هي شهور رمضان وشوال وذي الحجة، وهنا يدقق الشرع ويشير إلى أنه لابد أن تكون بداية هذه الشهور الثلاثة وفق الرؤية الشرعية وهي رؤية الهلال بالعين المجردة وليس بالحساب الفلكي، حيث إن جميع المسلمين ملتزمون بالحديث الشريف «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، ولكن لا بأس من أن يستخدم الحساب الفلكي في حساب بقية الشهور، وان كان يفضل الرؤية الشرعية على الحساب الفلكي.