تصاعدت معركة كسر العظيم وسباق بسط النفوذ بين الولايات المتحدة والصين لاسيما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث وصل وفد من كبار المسؤولين الأميركيين أمس، إلى جزر سليمان، فيما كان وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن يؤكد من مانيلا دعم بلاده الثابت للفلبين بوجه اي هجوم عسكري عليها، فيما تواصل الصين استعراض عضلاتها العسكرية من خلال مناوراتها العسكرية حول تايوان والتي اطلقتها ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي.
وبعد أشهر على توقيع جزر سليمان لاتفاق أمني سري مع بكين، ترأست مساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان الوفد الأميركي في زيارة للجزر تستمر لثلاثة أيام، تزامنا مع الذكرى الثمانين لمعركة غوادالكانال خلال الحرب العالمية الثانية.
وكان والد شيرمان أحد أعضاء مشاة البحرية الذين أصيبوا بجروح بالغة خلال المعركة التي استمرت ستة أشهر بين 1942 و1943 وتسببت بانسحاب اليابانيين منها، ما شكل بداية العمليات الرئيسية للحلفاء في المحيط الهادئ.
وأثارت الصين التي تمثلها سفارة في جزر سليمان قلق خصومها الغربيين حين وقعت اتفاقا أمنيا سريا مع الجزيرة في أبريل.
ويفترض أن يتم التطرق إلى الاتفاق الذي يخشى البعض أن يقود الصين إلى توسيع سيطرتها العسكرية في جنوب الهادئ، خلال الزيارة الأميركية.
ويقول ميهاي سورا وهو باحث زميل في برنامج جزر المحيط الهادئ في معهد لووي (لووي اينستيتوت) للأبحاث الاستراتيجية في سيدني لوكالة فرانس برس، ان «أمام الولايات المتحدة طريق صعب»، اذ من الواضح أن رئيس وزراء جزر سليمان ماناسيه سوغافاريه «يقدر علاقة بلاده بالصين». لكن ليس الجميع في جزر سليمان من مؤيدي تنامي العلاقات الأمنية مع الصين، اذ تتهم المعارضة رئيس الوزراء في جزر سليمان بتقويض الديموقراطية. وقد قطعت الجزر علاقاتها مع تايوان في سبتمبر 2019 لصالح الحفاظ على علاقاتها الديبلوماسية مع الصين وهو قرار أشعل تنافسا بين الجزر.
بموازاة ذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي للفلبين أمس أن بلاده ستهرع للدفاع عنها إذا تعرضت لهجوم في بحر الصين الجنوبي في محاولة لتهدئة المخاوف بشأن مدى التزام الولايات المتحدة بمعاهدة للدفاع المشترك.
وفي اجتماعات في مانيلا هيمن عليها التوتر بين الولايات المتحدة والصين، قال بلينكن إن الاتفاقية الدفاعية التي وقعت قبل 70 عاما مع الفلبين «صلبة كالفولاذ».
وأضاف بلينكن في مؤتمر صحافي «أي هجوم مسلح على القوات المسلحة الفلبينية أو السفن والطائرات العامة من شأنه أن يفعل التزامات دفاعية للولايات المتحدة بموجب تلك المعاهدة».
ويعد بلينكن أكبر مسؤول أميركي يقابل الرئيس الجديد فرديناند ماركوس الابن، نجل الرجل القوي الراحل الذي ساعدته واشنطن على الفرار إلى المنفى في هاواي بعد انتفاضة عام 1986 التي أنهت حكمه الذي دام عقدين من الزمن.
وحاول ماركوس التقليل من حدة التصعيد الديبلوماسي حول تايوان وقال إنه يعتقد أن رحلة بيلوسي «لا تزيد من حدة» الوضع المتقلب بالفعل. وبالعودة الى زيارة بيلوسي لتايوان الأربعاء الماضي، فقد أعطت المناورات العسكرية التي تجريها الصين حول الجزيرة إشارات على تعزز قدرات جيشها، وملامح خطط أعدتها لفرض حصار عليها، في حال قررت شن هجوم واسع على أراضي تايبيه.
وتشارك مقاتلات ومروحيات وسفن في المناورات العسكرية المفترض ان تنتهي اليوم، وتهدف الى محاكاة فرض حصار على تايوان واختبار «الهجوم على أهداف في البحر»، وفق وكالة «شينخوا» الصينية الرسمية.
وقد اتهمت تايوان الجيش الصيني بمحاكاة هجوم عليها، وأعلنت السلطات التايوانية أنها رصدت «عدة» طائرات وسفن صينية في مضيق تايوان بين الجزيرة والبر الصيني الرئيسي.
وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان إن «عددا منها عبر الخط الأوسط» الذي يفصل المضيق إلى شطرين، معتبرة أنها «تجري محاكاة لهجوم على جزيرة تايوان الرئيسية».
ويرى أستاذ الأمن الدولي في جامعة أستراليا الوطنية جون بلاكسلاند أن المناورات تكشف «القدرات الصلبة» للصين، وأنه لا يمكن اعتبار جيشها «قوة بلا خبرة أو غير قادرة (...) من الواضح أن لديهم القدرة على التنسيق بين البر والبحر، وعلى نشر أنظمة صاروخية تعمل بنجاعة».