منذ ما يقارب العشر سنوات تعالت دعوات وظهرت وعود رسمية بتخضير الكويت والسعي إلى تحسين الجو من خلال توسيع الرقعة الخضراء في البلاد، وتفاءل الجميع واستبشرنا خيرا بهذه الدعوات والوعود، خاصة أن بلادنا تملك الإمكانات والعزيمة والمتطلبات اللازمة في هذا الإطار، وبالفعل بذلت جهود ملموسة من جانب مؤسسات مختلفة منها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية وشركة بيت الإنماء الزراعي وغيرها من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية.
وانطلقت بعض الجهات في عمل الدراسات على عشرات الأنواع من النباتات التجميلية التي لم تتم دراستها سابقا تحت الظروف المناخية النموذجية المحلية، بحيث تكون مقاومة للبيئة المحلية، وكذلك أنشأت الدولة عددا من المحميات الطبيعية بهدف تحقيق التوازن البيئي وتلطيف الجو وتمت زراعة عشرات الآلاف من النباتات والأشجار حتى الآن.
ولكن، بعد أن ذهبت السكرة وجاءت الفكرة وأصبحنا على الطريق نحو التشجير وجدنا أن معظم التحركات التي بدأناها قد توقفت وكأنها كانت مجرد حماسة مؤقتة أو شعلة قصيرة الأمد سرعان ما انطفأت واختفى وهجها، ليس بسبب كورونا وتداعياتها لأن التوقف جاء من قبل كورونا بكثير.. نعم أطلقنا يوما وطنيا للتشجير وهو يوم 15 أكتوبر لكن النتائج ليست على قدر الحدث للأسف، فالتخضير ليس مجرد مناسبة نطلقها لمدة أسبوع في ظل رعايات من جهات تجارية واستثمارية عديدة وبعد انقضاء الفعاليات تتوقف الأنشطة، فالأهداف من وراء التخضير تقتضي أن نستمر في العمل لسنوات وسنوات حتى نجد حلم التخضير واقعا.
ونحن هنا لا نتحدث عن زراعة أشجار لتزيين الطرق أو بعض الشوارع ولا نتكلم عن إنشاء حدائق ومتنزهات ترفيهية، بل نتحدث عن نقلة نوعية تحتاج إليها الكويت عبر تخضير شامل يطوق البلاد من حدودها بهدف تحسين المناخ وهو ما طرح من قبل ولكن لم نره على أرض الواقع، فلا أحد يستطيع الادعاء أننا ماضون في التخضير بخطى ثابتة بل ما نراه هو محاولات متناثرة ومتفرقة هنا وهناك.
نعم هناك تحديات تواجه مشروع التخضير والتشجير في الكويت لكن المشكلة بالأساس أن الاهتمام ليس على القدر المطلوب حتى نقف على هذه التحديات والعوائق بشكل واضح ومن ثم نبدأ في معالجتها! نعم نحتاج إلى محطات تدوير للمياه ونحتاج إلى استخدام تقنية «الاستمطار الصناعي» للتخفيف من الآثار السلبية على مصادر المياه غير المتجددة.. نعم نحتاج إلى حل لمواجهة أثر الزحف العمراني على المساحة الخضراء.. لكن مع من نتحدث؟ ومن أين نبدأ؟
وختاما، تظل الأسئلة موجهة إلى مجلس الوزراء، وإلى الهيئة العامة لشؤون الزراعة، وإلى كل المخولين بالتشريعات في ديرتنا: لماذا توقفت الجهود أو على الأقل لماذا هي شحيحة للغاية؟ لماذا لم نحقق شيئا من تخضير الكويت على النحو الذي تمنيناه منذ سنوات؟ لماذا لا نرى جهودا على قدر الحدث في هذا الإطار وكلها محاولات سريعة من هنا وهناك؟ وأين الدور التشريعي في هذا الأمر؟
وعندما نجد الإجابات تكون لنا وقفة أخرى.