تعتبر الحياة الجامعية مرحلة انتقالية وفرصة مهمة للطلبة لاكتشاف أنفسهم وبلورة شخصياتهم وتطوير مهاراتهم بما تحمله هذه الحياة الجديدة من العديد من التجارب والمغامرات المثيرة والتحديات لإدارة النفس والدراسة.
في العديد من الجامعات، يتم تنفيذ نهج يهدف إلى دمج الطلبة وتعزيز التواصل بينهم من خلال اشتراط أو تشجيع الطلبة في السكن داخل الحرم الجامعي ولاسيما خلال السنتين الأولى والثانية من دراستهم حتى لو كان بيت الطالب بجانب مباني الجامعة، كما هو الحال في جامعة برنستون العريقة!
فكرت كثيرا فيما يدفع مثل هذه الجامعات إلى تحمل هذه المسؤولية وتكبد هذه الجهود والتكاليف، ولاسيما في جامعة مثل برنستون، حيث يحصل ثلث طلابها في البكالوريوس على منح مالية شاملة الرسوم وتكاليف الإقامة والإعاشة! وتذكرت نماذج تاريخية مشرقة في معايشة الطلبة وتسكينهم في بعض المدارس التركية والعربية، فهي فرصة لتعزيز البيئة الجامعية الحية والمجتمعية داخل الحرم الجامعي وتشجيع التفاعل والتعاون بين الطلاب لإثراء تجربتهم الجامعية، فضلا عن تعزيز الاندماج الاجتماعي، خاصة للطلاب الجدد في بداية دراستهم.
بقيت في جامعة برنستون أثناء عطلة نهاية الأسبوع حينما لفت انتباهي العديد من الأنشطة الطلابية الغريبة نسبيا، أحدها أن بعض طلبة النوادي المعروفة بالجامعة كانوا يسيرون بمجموعات مرتدين ثيابا تشبه إلى حد ما الزي الإغريقي، في ظل أجواء باردة، ونشاط آخر كان عبارة عن تنظيم ألعاب مائية، منها المصارعة، وأيضا في طقس بارد تحت الصفر!
يدير هؤلاء الطلبة نواديهم وأنشطتهم وحدهم دون رقابة تذكر من الجامعة، فحينما اقتربت منهم أكثر للتعرف على ماذا يفعلون لتواجد مكتبي بالقرب من هذه النوادي في «شارع بروسبكت» (Prospect Avenue)، استغرب بعضهم استغرابي، وسألني أحدهم إذا كان هناك أي خطأ ليصحح أو مشكلة ليعتذر!
نسبة القبول في جامعة برنستون من أقل النسب في العالم، حيث يقبل 4 أو 5 طلاب من كل 100 طالب يتقدم لها، وهناك متطلبات وإجراءات، ومنها كتابة مقال يجيب الطالب فيه عن بعض الأسئلة بنحو 50 كلمة لكل سؤال، ومنها السؤال الغريب «ما الذي يجلب لك السعادة والسرور؟» What brings you joy؟
يبدو أن هؤلاء الطلبة في هذه المرحلة العمرية يحتاجون بين الحين والآخر إلى الأنشطة والفعاليات غير المنهجية المنظمة، التي تهدف الى الترويح والترفيه عن النفس بالالتزام بالقيم الأخلاقية، والخروج من الأجواء الدراسية لتفريغ طاقاتهم، وهذا ما يجب أن يدركه العاملون مع الشباب، فحياتهم تختلف عن حياتنا!
[email protected]