بيروت ـ أحمد منصور
لم ينتظر أهالي الجنوب في مراكز الإيواء وأماكن استضافتهم بمنطقة إقليم الخروب الإذن بالعودة إلى قراهم وبلداتهم وأرزاقهم، بعد اتفاق وقف إطلاق النار وسريان مفعوله عند الساعة الرابعة من فجر الأربعاء، بل استبقوا ذلك بتحضيرات وجهوزية تامة عشية وقف إطلاق النار، وكانوا قد حضروا أنفسهم ووضعوا خطة تحركهم باكرا، وكانت تتم على وقع هدير الطائرات الحربية الإسرائيلية والمسيرات التي كانت تجوب الأجواء، لتنفيذ الاعتداءات في مناطق أخرى، فشدوا الأمتعة في سياراتهم وما توفر لهم، ليغادروا المنطقة فور بدء حيز تنفيذ وقف إطلاق النار.
وبالفعل، بدأت قوافل مغادرة الأهالي المنطقة من الساعة الرابعة فجرا، واستمرت حتى الصباح. لكن اللافت ان الفرحة لم تكتمل بالعودة، فهناك من بقي من العائلات في مراكز الإيواء لتعذر وجود أماكن يذهبون اليها، لاسيما أولئك الذين هم من القرى الحدودية التي تعرضت للدمار الشامل، خصوصا كفركلا والخيام والعديسة وحولا ومركبا والطيبة وميس الجبل وبليدا وطبرحرفا والناقورة والضهيرة وعيترون ويارين وبليدا.. وهذا ما ولد غصة وحسرة لدى العديد من النازحين الذين كانوا على أحر من النار للعودة إلى قراهم، لكن الظروف المناخية والأوضاع الأمنية لم تسمح لهم، إلا أنهم أكدوا العودة في القريب العاجل عندما تسنح لهم الظروف.
ورغم مغادرة قسم من النازحين باكرا وعلى عجل وعدم تمكنهم من وداع جميع من استضافهم واستقبلهم واهتم بهم، إلا ان فئة قليلة حضرت باكرا لوداعهم، فوجهوا جزيل الشكر والامتنان إلى أهالي إقليم الخروب وشبابه وبلدياته وفاعلياته وأحزابه وجمعياته، على الاحتضان الذي لاقوه. وأكدوا وهم يلوحون بأيديهم على زيارة المنطقة قريبا لشكر الأهالي على حسن الضيافة والاستقبال ومحبتهم وتمسكهم بالوحدة الوطنية، «وتعريض أنفسهم لمخاطر العدوان الإسرائيلي جراء استقبالنا واحتضاننا».
وغصت منطقة إقليم الخروب الساحلية بقوافل العائدين، والتي تعتبر بوابة الجنوب الشمالية لجهة مدينة صيدا، حيث شهد الأوتوستراد الساحلي باتجاه الجنوب، بدءا من السعديات والجية وجدرا والرميلة والأولي، منذ ساعات الفجر، تدفقا كبيرا للسيارات ووسائل النقل المتعددة.
واصطفت أرتال السيارات من الأولي حتى الجية، وأطلق السائقون العنان لأبواق السيارات، ورفع الركاب الأعلام، خصوصا أعلام «حزب الله»، فيما قامت جمعيات عدة بتوزيع المياه والحلويات على السيارات العابرة في أجواء من الفرح والسرور الذي خيم على وجوه الجميع.
ووجه مدير خلية الأزمة المركزية في إقليم الخروب (رئيس بلدية كترمايا) المحامي يحيى علاء الدين الشكر إلى أعضاء الخلية التي تضم مختلف الأحزاب والتيارات السياسية والجمعيات المحلية والدولية، التي سارعت إلى تقديم المساعدات للأهالي النازحين المقيمين في بلدات إقليم الخروب كافة.
وأثنى على كل من ساهم في احتضان النازحين، مبديا «الأسف الشديد لهذه الحرب المدمرة التي طالت كل الأراضي اللبنانية، وذهب ضحيتها شهداء وأبرياء وخسائر مادية فادحة وكبيرة». وقال «إن ما قمنا به هو من دوافع وطنية وانسانية تجاه إخوة لنا تعرضوا لأبشع المجازر والمآسي»، متمنيا أن يعود الجميع إلى قراهم ويتمكنوا من إعادة النهوض ببلداتهم مجددا، «بدعم من الأشقاء العرب».