- التوجه الحاكم لفكر سمو الأمير هو «دمقرطة» الكويت بإرساء دولة المؤسسات واحترام القانون
- ترسيخ الديموقراطية وتعاظم رأس المال الاجتماعــي وإدمـاج المرأة في عجلة التنمية مقومات وضعها سمـوه فـي بناء الكويـت
- مسيرة تواصل الأجيال مرتبطة بمثلث القيادة والنخبة والمجتمع فالقمة مرتبطة بالقاعدة في آن واحد
- إدارة البـلاد وفقـاً لتصــور سموه لا تبدأ مع رحيل أمير وقدوم أمير فقوة الوطن مرتبطة بخطوات متراكمة منـذ نشــأة الكويــت
- هنــاك إدراك حقيقـــي من سموه أن الانتماءات الضيقة والولاءات التقليديـة ستعصـف بالبلاد مـا لم تواجـه بحــزم
بمناسبة مرور خمسة أعوام على تولي صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في البلاد، أصدر مركز اتجاهات للدراسات والبحوث (اتجاهات) الذي يرأسه خالد عبدالرحمن المضاحكة 6 تقارير اعلامية عن توجهات سمو الأمير السامية داخليا وخارجيا، حيث تمثل هذه التقارير خلاصة لدراسات وتحليل مضمون لخطابات وتوجهات سامية. وتهدف هذه التقارير إلى تسليط الضوء على مفهوم الوطن في فكر صاحب السمو الأمير حفظه الله ورعاه وشبكة القضايا والموضوعات المرتبطة به من حيث مقومات بنائه وتحديات نهضته وسياسات تقدمه، وكذلك التعرف على الرؤى والتوجهات الاقتصادية لسموه سواء على الصعيدين الداخلي أو الخارجي، والتي تترجم فكره التنموي ونهجه الاقتصادي الذي يعتمد عليه في إدارة شؤون البلاد الاقتصادية. كما تركز التقارير في جانب منها على توجهات صاحب السمو الأمير إزاء العمل الخليجي المشترك وقضايا التكامل الخليجي التي تشغله وآليات الارتقاء به، وهو ما يتكرر أيضا مع العمل العربي المشترك من حيث واقعه الراهن ومجالاته وتحدياته وآليات تطوره، فضلا عن ذلك يتم تسليط الضوء على رؤية الأمير لمشكلات العالم الإسلامي واستراتيجيات حلها سواء في الداخل أو بشأن علاقاتها مع الخارج. وتختتم الحلقات برؤية سموه للقضايا الدولية التي تشغله والأجندة العالمية التي تتفاعل معها الكويت. وفي التقرير الأول نستعرض الوطن في فكر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه.
يحتل «الوطن» أهمية مركزية في فكر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد تفوق ما عداها، فدولة الكويت، وفقا لرؤية وفكر سموه، هي البلد الذي يستحق عن جدارة التضحية من شأنه والتعاون على تطويره لتحقيق النهضة والتنمية المستدامة بداخله، حيث أشار سموه في كلمته في افتتاح دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الحادي عشر لمجلس الأمة يوليو 2006، إلى «أن الكويت هي الأم، وهى المهد، وهى اللحد، هي الأرض التي نعيش عليها، ونعمل من أجلها، وندفن في ثراها، ليس لنا وجود إلا بوجودها، ولا عز إلا بعزها، هي الإرث الذي انحدر إلينا من الآباء والأجداد، والذي علينا أن نحافظ عليه، ونضحي من أجله بأرواحنا».
يستعرض هذا التقرير لمركز «اتجاهات» للدراسات والبحوث التصور السامي لصاحب السمو الأمير لمقومات بناء الوطن وتحديات تقدمه وسياسات تطوره.
مقومات بناء الوطن
يكشف تحليل مضمون خطب سمو الأمير عن وجود مقومات محددة لبناء الوطن في إدراكه الفكري والمعرفي، على النحو التالي:
- التواصل الجيلي لمسيرة بناء الوطن: بمعنى أن إدارة الوطن وفقا لتصور سمو الأمير لا تبدأ مع قدوم أمير ورحيل أمير آخر، وهى المشكلة الأزلية التي نعانى منها في العالم العربي، وهى أن يتلازم مع بداية عهد جديد في الحكم البداية «من نقطة الصفر»، لكن في الحالة الكويتية قوة الوطن مرتبطة بخطوات متراكمة في مجالات مختلفة من قبل قادة سابقين يكمل مسيرتهم قادة لاحقون، وفى هذه الحالة نجد أن خير خلف «صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد» امتداد لخير سلف «الأمير الشيخ جابر الأحمد» رحمه الله.
كما أن مسيرة تواصل الأجيال المتعاقبة مرتبطة بالأساس بمثلث القيادة والنخبة والمجتمع، أي مرتبطة بالقمة والقاعدة في آن واحد.
ويقول صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في إحدى خطبه «إنها الكويت، وأهل الكويت، بما عرف عنها وعنهم من خصوصية متفردة أرسى دعائمها الأولون، وتعززت واستقرت عبر الأجيال المتعاقبة».
كما قال سموه في مناسبة انتهاء فترة الحداد في 25 فبراير 2006، «اننا نستذكر أميرنا الراحل سمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، بكل الإجلال والتقدير قائدا فذا ورائدا متميزا، قاد عملية التحديث والتنمية والنهضة الشاملة التي شهدها وطننا العزيز على مدى عهد سموه الزاهر، وتحقق خلالها العديد من الإنجازات التي يفخر بها الوطن في مختلف الميادين والمجالات، انطلاقا من إيمان سموه بأن قوة الوطن تكمن في الأخذ بأسباب العلم ومنجزاته العقلية والتكنولوجية وتسخير ذلك لعملية التنمية والبناء والتطوير، وبهذا التصور كان سموه عميقا في نظرته نحو وطنه ومواطنيه، ولن ننسى قيادة سموه التاريخية للكويت ولاسيما في ظل الظروف الصعبة التي مر بها الوطن العزيز، والتي مكنت سموه من تجاوز هذه العقبات والصعاب والوصول بسفينة الكويت إلى شاطئ الأمان».
«دمقرطة الكويت»
ترسيخ النظام الديموقراطي: إن التوجه الأساسي الحاكم لفكر صاحب السمو الأمير هو «دمقرطة» الكويت، ويرتبط هذا التحول نحو الديموقراطية بعدة مؤشرات منها إرساء بنية المؤسسات وترسيخ احترام القانون واحترام حقوق الإنسان وتمكين المرأة وتطوير مؤسسات المجتمع المدني وحرية تداول المعلومات وانفتاح الإعلام ومحاربة الفساد، بما جعل الكتابات الغربية تعطي اهتماما متزايدا لـ«النموذج الكويتي» في التحول الديموقراطي.
وفي هذا السياق، يقول صاحب السمو الأمير حفظه الله في إحدى خطبه «الكويت ليست لفئة دون أخرى، ولا لطائفة دون غيرها، إنها للجميع، عزتنا من عزتها، وبقاءنا من بقاءها، مرفوعة رؤوسنا بالانتماء إليها أبناء مخلصين لها بعمل يبني وجهد يثري ودم يفدي، ندرك جميعا عظم المسؤولية وأهمية حمايتها من خلال الإيمان بالنظام الديموقراطي».
«الثقة والازدهار»
تعاظم رأس المال الاجتماعي: ان التطور الذي يحدث في المجتمع مرهون بمدى ازدياد الثقة بين الفئات المكونة لهذا المجتمع، سواء كانت حكومة أو معارضة، وهي فرضية شهيرة سبق أن طرحها عالم السياسة الأميركي فرنسيس فوكاياما في مؤلفه «الثقة: الفضائل الاجتماعية وتحقيق الازدهار» منذ سنوات. وفي هذا السياق، يأتي إدراك سموه لكيفية تطور البلاد المرتبط بشكل وثيق بكثافة الثقة الفردية والجماعية. وقد عبر سموه عن هذا المعنى بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثاني عشر في 1 يونيو 2008 قائلا «تتولد الثقة المتبادلة بالعمل المؤسسي المشترك فيما يحقق المزيد من الإنجازات والمكاسب وأسباب الرفاه لنا ولأجيالنا القادمة، ويمكن الكويت من تعزيز مكانتها ومتابعة دورها الريادي المعهود».
كما وجه حديثه في نفس الخطبة لأعضاء مجلس الأمة قائلا «لقد وضع الشعب الكويتي ثقته الغالية بكم، ويتطلع بكل الأمل والرجاء الى أن تلتقي سواعدكم بسواعد اخوانكم الوزراء، وأن تسخروا كل الطاقات والإمكانات للتصدي لقضايا الوطن والمشكلات التي تمثل هموم المواطنين».
«المرأة والتنمية»
إدماج المرأة في عملية التنمية: فالمفترض أن تكون التنمية قائمة على ركيزتين: الرجل والمرأة معا، فإذا قامت التنمية على ركيزة واحدة، صارت عرجاء، ومن هنا يولي صاحب السمو الأمير اهتماما متزايدا بالحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية للمرأة الكويتية، ففي عهد سموه فازت أربع نساء بعضوية مجلس الأمة الكويتي في انتخابات عام 2009، وتطورت أنشطة ومجالات «سيدات الأعمال الكويتيات»، وشغل بعضهن مناصب وزارية وديبلوماسية مرموقة، وبرزن في العمل الإعلامي والأهلي.
وقد أعرب سموه عن سعادته بتطور الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمرأة في كلمته خلال افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة الكويتي في 31 مايو 2009، قائلا «يسرني أن أتقدم بأصدق التهاني لفوزكم بالانتخابات النيابية ونيل ثقة المواطنين بكم، كما يسرني أن أتقدم بتهنئة خاصة للمرأة الكويتية على هذه النقلة الحضارية بتبوئها وللمرة الأولى في تاريخ الكويت مقعدا مستحقا تحت قبة البرلمان».
كما أشار صاحب السمو في كلمته بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثاني عشر في 1 يونيو 2008، «إلى أنه لمن دواعي الاعتزاز، أن أثمن وأنوه بالدور الإيجابي للمرأة الكويتية فيما حققت من مكانة متميزة للحياة العامة على جميع الأصعدة والمجالات وعلى مدى الأجيال المتعاقبة، وإننا نتطلع إلى قيامها بدور أكبر وأشمل، واضعة يدها بيد أخيها الرجل، وبمشاركة أكثر فعالية في تحمل أعباء التنمية في مختلف القطاعات».
«الوحدة الوطنية»
ثمة تحديات عدة تهدد جهود بناء الوطن وفقا لرؤية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله، بما يؤدي إلى الاضرار بالمصالح العليا للوطن، وقد تقود إلى التفرقة بين أبناء الوطن وتمس الوحدة الوطنية، والانشغال عن القضايا الرئيسية بالاهتمام بالقضايا الهامشية وتتمثل تلك التحديات في الآتي:
ـ إساءة استخدام الأدوات الديموقراطية: فقد شهدت ساحة مجلس الأمة خلال السنوات الخمس الماضية عدة استجوابات متتالية، مما أدى إلى زيادة الاحتقان بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ورغم أن الاستجواب هو حق أصيل للنائب تحت قبة البرلمان، إلا أن الإفراط في استخدامه والتعسف في تنفيذه، قد يؤدى إلى نتائج عكسية، وهو ما عبر عنه سمو الأمير في كلمته بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثاني عشر لمجلس الأمة في 21 أكتوبر 2008، قائلا «إذا كان عضو مجلس الأمة حرا فيما يبديه من آراء داخل قبة البرلمان، فإن ذلك منوط بالمصلحة العامة، والقواعد الدستورية التي تبين حدود وصلاحيات كل سلطة، فلا يجوز التدخل في اختصاص السلطات الأخرى. وقد بينت أكثر من مرة، ان تعيين رئيس الوزراء والوزراء حق أصيل للأمير وحده، وفقا لأحكام الدستور، ولا يجوز لأحد التجاوز عليه والتدخل فيه».
وكذلك أشار سموه في كلمته بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثاني عشر في 1 يونيو 2008، إلى «ما شهدته العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الفصل التشريعي السابق، من أسلوب التهديد والتصعيد والتشكيك، وتدني لغة الحوار، والتطاول على الآخرين، والاندفاع بالعمل البرلماني إلى غير أغراضه، إلى جانب تداخل الحدود بين السلطتين، والاتجاه نحو التعسف والشخصانية أحيانا في استعمال بعض أعضاء مجلس الأمة لحقهم الدستوري، بالإضافة إلى المبالغة في تقديم الاقتراحات بالقوانين ذات الطابع الانتخابي المحض، بما أرهق الحياة السياسية، وشل مسيرة العمل الوطني.
وذكر سموه أيضا في كلمته التي وجهها للمواطنين في 29 ديسمبر 2009، «أن للممارسات الديموقراطية أصولها وحدودها وأدواتها الدستورية التي تمارس من خلالها في الزمن والمكان المحددين لها، فإن خرجت عن زمانها ومكانها وإطارها الدستوري، فإنها تتحول إلى فوضى».
دولة القانون
تجاوز القانون: فواحد من أهم التوصيفات الرئيسية للكويت في التقارير الدولية، هي انها دولة المؤسسات الديموقراطية ودولة القانون state of law، لكن من الملاحظ أن هناك بعض الفئات المجتمعية تحاول تجاوز القانون والخروج عن الشرعية، وإثارة المشكلات مع مؤسسات الدولة، ويرى سموه أنه لعل ما يثير التساؤل والاستغراب، ما برز مؤخرا من مظاهر مستجدة تمثلت في استمرار مخالفة القانون والتحريض على تجاوزه، وكذلك المساس بالمؤسسات الرسمية، والإساءة إلى المسؤولين فيها بما ينال من هيبة الدولة ومكانتها.
وأكد سموه في كلمته في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة الكويتي في 27 أكتوبر 2009، قائلا إنني أدعوكم لتكريس دولة القانون والمؤسسات بمقومات عصرية، فيما يعزز هيبتها، ويصون سيادتها، ويحفظ كرامة العاملين فيها، ويجسد كفاءة ونزاهة القضاء الكويتي واستقلاليته، وأن تتضافر كل الأجهزة المعنية لحفظ النظام، وترسيخ العدالة، وتطبيق نهج قوامه سيادة القانون على الجميع.
الحرية المسؤولة
الممارسات السلبية للوسائل الإعلامية: حيث تقوم تلك الوسائل بالتهويل والافتعال لبعض الأحداث بما يهدد الوحدة الوطنية، ولعل هذه الممارسات السلبية ومظاهر الانحراف المتعددة لوسائل الإعلام تشير الى مسألة الدور المعاكس لتلك الوسائل، فالدور المنوط لوسائل الإعلام هو تنمية الوعي لدى أفراد المجتمع وزيادة قدرتهم على المشاركة بفاعلية في مسيرة بناء الوطن، والوقوف صفا واحدا بجانب الوطن في السراء والضراء، بدلا من استخدام الرأي العام كوسيلة لتأجيج المشاعر الوطنية، وتهديد مصلحة الوطن.
وقد أوضح سموه في كلمته التي ألقاها بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثاني عشر في 1 يونيو 2008، «أنه لنا كلمة نوجهها لمؤسساتنا الإعلامية، المرئية والمقروءة والمسموعة، فكما يعلم الجميع أن الكويت لم تكن يوما إلا نموذجا حيا للحرية والانفتاح والديموقراطية من منطلق إيمان راسخ بأهمية وجدوى هذا النهج الحضاري المتقدم، إلا أن ما شهدته الساحة الإعلامية مؤخرا من بعض الممارسات التي تجاوزت إطار الحرية المسؤولة وضوابط الأمانة المهنية، ومتطلبات المصلحة العامة، وتمثلت في إثارة أجواء الصخب والشحن والتحريض أحيانا، والمغالطة ومجافاة المصداقية أحيانا أخرى، أمر يستوجب التوقف عنده، بما يؤدي إلى تجسيد الالتزام المأمول الذي يحقق المصلحة العامة، ويكرس الدور الإيجابي لمؤسساتنا».
الانتماءات الضيقة
تزايد حدة الانقسامات الاجتماعية: فهناك إدراك حقيقي لدى سموه بأن الانتماءات الضيقة والولاءات التقليدية لدى البعض مازالت تدور حول ما يسميه علم الاجتماع بالعلاقات الأولية أو الشخصية، أي علاقة فرد بقبيلته أو عشيرته أو طائفته، بدلا من علاقة مواطن بوطنه أو فرد بمجتمعه، ولا تركز الهوية حول هذا الوطن، بل شهدنا محاولات للإساءة للوطن، الأمر الذي يفرض أن يقف المجتمع الكويتي صفا واحدا ضد هذه الإساءات، وهو ما عبر عنه صاحب السمو الأمير في كلمته بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان في 2010، قائلا إن الأمر يستدعي الوقوف بحزم في وجه كل من يحاول الإساءة للوطن العزيز، بإثارة النعرات الطائفية أو القبلية أو الفئوية، وبث روح الفرقة والتعصب والتحزب، وشق وحدة الصف، وما يستوجبه ذلك من ضرورة الارتقاء بإعلامنا المقروء والمسموع والمرئي، وممارسة دوره المنشود في تكوين ودعم الرأي العام المستنير الذي يعزز الولاء للوطن، ويرسخ روح الوحدة الوطنية.
سياسات تقدم الوطن
يمكن الاستناد إلى عدد من السياسات في عملية بناء الوطن وفقا لرؤية وفكر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، خلال المرحلة المقبلة، وهي:
تشجيع روح المبادرة الجماعية بين أبناء الوطن على تحمل المسؤولية في بنائه وتطويره، فمسؤولية البناء هي مسؤولية جماعية بالأساس وليست مسؤولية فردية، كما أن التعاون المستهدف من عملية بناء وتطوير الوطن، يستلزم إعلاء قيمة المصلحة الجماعية أي مصلحة الوطن العليا لتكون فوق المصلحة الخاصة الدنيا، وتجاهل المنافع الشخصية (الذاتية)، فالهدف واحد لدى الحاكم والمحكوم وهو حماية وصون مصالح الوطن ضد أي أخطار داخلية وتهديدات خارجية، فقد أكد سموه في كلمته في حفل افتتاح مؤتمر رؤساء البعثات الديبلوماسية الكويتية الخامس في أبريل 2006 «أنه لا يمكن أن ينجح القائد في مهمته إلا بتعاون شعبه تعاونا حقيقيا، وانني لاتطلع اليكم بكل ثقة أن نضع أيدينا مجتمعة لبدء عصر جديد من العمل الجاد من أجل الوصول الى وطن مثالي يسوده النظام، ويعمل أهله باخلاص للنهوض به – كما نشاهد ونرى في البلدان المتقدمة الاخرى».
«المواطن ركيزة التنمية»
تواصل الاهتمام بالعنصر البشري، فالمواطن ـ وفقا لفكر الامير ـ هو هدف التنمية المستدامة وركيزتها في الوقت نفسه من خلال محاولة غرس القيم النبيلة التي تهدف الى زيادة وعيه وانتمائه وحبه لوطنه والعمل الجاد والاخلاص له من أجل تحقيق الازدهار المنشود له، فوفقا لرؤية سموه، تعد فكرة التجنيد على حب الوطن، هي الشغل الشاغل خلال الفترة المقبلة، فضلا عن اهتمامه المتزايد بمسألة «الجهل بالوطن» لدى الاجيال الجديدة أي جيل من المواطنين «لا يعرف الكويت»، وتركيزه على التوعية بقيمة الوطن وتأكيد الانتماء اليه، ودعم أواصر العلاقة بين فئات المجتمع، وتجسيد مكانة القادة المؤسسين لدى الاجيال الجديدة، التي لم تشهد ميلاد الكويت، منذ ما يقرب من خمسة عقود.
وقد أوضح سموه في كلمته بمناسبة العشر الاواخر من رمضان لعام 2006، «أن أغلى ثرواتنا هم أبناؤنا، وأفضل استثماراتنا الاستثمار في تنمية قدراتهم ومهاراتهم، فهم محور أي تنمية وغايتها ووسيلتها، والتنمية الحقة هي التي تتخذ من الانسان محورا، ومن العلم سبيلا، ومن الاخلاص دافعا، وأكبر أمنياتي وتطلعاتي بناء الانسان الكويتي وتنمية قدراته، ليكون قادرا على بناء وتنمية وطنه، لقد آن الاوان لتقوم مؤسساتنا التعليمية بتطوير نظامنا التعليمي ليتماشى مع متطلبات هذا العصر، وأملنا كبير في أن تتحول الطاقات الشابة التي يزخر بها المجتمع الكويتي الى طاقات انجاز وتحد حضاري».
«التعاون المثمر»
أهمية تعزيز التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتحويل هذا التعاون بينهما الى ممارسة تنهض بالعمل البرلماني والعملية السياسية والتجربة الديموقراطية في الدولة، بما يصب في صالح الوطن والمواطن، فوفقا لرؤية سموه، أن المسؤولية الجماعية لا تنصب فقط على علاقة الحاكم بالمحكوم، وانما هي علاقة مؤسسات وأجهزة الدولة ببعضها البعض، وبناء على ما تقدم فان الامر يتطلب ازالة التوتر القائم في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وحسم الخلافات الدائرة بينهما حول الكثير من القوانين، ومشروعات القوانين، مع الالتزام بأساليب وأدوات الحوار الدستورية والبرلمانية المتفق عليها فيما بينهما، وأشار سموه في كلمته التي ألقاها في مجلس الامة في عام 2006، «الى أن التعاون الايجابي المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية قدر حتمي لتحقيقه النقلة النوعية نحو التغيير والاصلاح، ودفع مسيرة البناء والتنمية الى الامام». المزج بين الماضوية والمستقبلية، وقد عبر سموه عن ذلك التصور في كلمته خلال افتتاح دور الانعقاد العادي الاول من الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الامة في 31 مايو 2009، قائلا «أدعوكم الى تبني رؤية جديدة للعمل الوطني تقوم على استشراف المستقبل دون أن تنكر الماضي والتطلع نحو العالمية دون اغفال للمحلية، والحرص على المعاصرة مع التمسك بالاصالة، بما يجعلنا في مصاف الامم الممسكة بأسباب التقدم الحضاري في اطار القيم والمبادئ والثوابت التي جبل عليها أبناء الكويت جيلا بعد جيل».