ولد سبينوزا في مدينة أمستردام عام 1632م في هولندا من عائلة يهودية مهاجرة من البرتغال بسبب الاضطهاد المسيحي لليهود في اسبانيا والبرتغال آن ذاك، فهولندا من أكثر الدول تسامحا مع الأديان، كان أبوه تاجرا ناجحا ومتدينا متزمتا، فكانت تربيته أصولية أرثوذكسية لكن طبيعته الناقدة والمتعطشة للمعرفة جعلته يتمرد ويتصادم مع المجتمع ورجال الدين اليهود، فقد درس سبينوزا العبرية والتلمود ثم فيما بعد تعلم اللاتينية فكتب تعليقا على التلمود فنبذ من أهله ومجتمعه، فهاجر إلى قرية (رينسبرغ) معقل المسيحيين الليبراليين ليغير مساره من حاخام إلى فيلسوف فاحتضنوه ونشر أول كتبه «مبادئ فلسفة ديكارت» ثم هاجر إلى لاهاي العاصمة فتعرف على حاكمها «جان دي ويت» فساعده كثيرا فأصدر كتابه الشهير «رسالة في اللاهوت والسياسة» عام 1670م بدون توقيع واسم مزور للناشر خشية الملاحقة، ثم اغتيل الحاكم من الغوغائية المتعصبة فشعر سبينوزا بالانكسار والعزلة والقهر ليكرس جهوده لإكمال كتابه «علم الأخلاق» وعندما علم باستعداد اللاهوتيين لتكفيره أجل نشره ثم مات بالسل الرئوي مبكرا، من أهم آرائه الثورية:
ـ إطلاق الحرية الفكرية فهي لا تشكل خطرا على الدين والدولة.
ـ دعا إلى تخليص التوراة والانجيل من الأساطير والخرافات.
ـ يختزل الدين في عبارة واحدة «محبة الله والآخرين».
ـ يرى أن الكتب المقدسة لا تقدم معرفة وعلما بل أخلاقا وقيما سامية تسعدنا في دنيانا وتنجينا في آخرتنا.
ـ يطالب بإخضاع رجال الدين إلى السلطة السياسية المدنية وتحجيم دورهم في اختصاصهم فقط.
ـ على المؤمن أن ينطلق من دائرته الضيقة (المسيحية واليهودية) إلى التدين الكوني الذي يحتضن البشر جميعهم ليسعدهم.
لم يكن سبينوزا ملحدا مقنعا أو رافضا لدين الله –تعالى- كما يصفه أعداؤه، بل كان ثائرا على الفكر الجامد وثقافة الإقصاء وامتلاك الحقيقة المطلقة الذي تكرس الاستبداد السياسي، فما تنعم به أوروبا اليوم من حريات وديموقراطيات ونظام نتيجة جهود الفلاسفة الكبار كسبينوزا وأمثاله.
فيا ترى كم سبينوزا نحتاج في ربيعنا العربي لكي نفلت من قبضة التخلف؟ ونحن نواجه كل خطوة إصلاحية للأمام بعشرات الحفر لتوأد حية باسم الإسلام وحماته. فلله المشتكى.
* المعلومات الواردة هي من كتيب الباحث فاخر السلطان.
[email protected]