يعمد الكثير إلى التذمر من الأوضاع حوله وما آلت إليه أمورها، حتى بلغ ببعضهم إلى القول إنه لا شيء يستحق الثناء والإشادة، وما هنالك سوى الرداءة والتقصير! ولا أدري أتذمّر هؤلاء المرضي راجع إلى طبيعة أنفسهم أم إلى شخصياتهم عسيرة الإرضاء؟
من المعلوم من العقل بالضرورة أن ابتغاء رضى الناس غاية لا تدرك ولن تدرك، ولذا فالساعي لإيقاف تذمر الآخرين لن ينال سعيه ولو وصل الليل بالنهار إلا كدا وشقاء، إذ سيجد المتطلبون حسب زعمهم ما يتذمرون منه لأنهم في النهاية متذمرون بالفطرة. التذمر المعتدل القائم على العدل حاجة إنسانية بل وضرورة حتمية عند انحراف الأمور عن الجادة، إذ به يعتدل الميل ويستقيم العود وتعود الأشياء إلى نصابها، لكن البطالين – وهم كثر – قد أحالوا التذمر ترفا يقضون بالنبش عن أسبابه أوقات فراغهم وقد استكملوا حوائج حياتهم جليلها ودقيقها، ولم يبق بنظرهم إلا التذمر لأجل حوائج الآخرين.
التذمر المغالى فيه يحبط جهود العاملين ويكسر عزائمهم ولا سيما إذا أرعيت الآذان للإصغاء إليه من عقلاء القوم واتخذوا بناء عليه آراءهم، ولا ريب أن لدينا في الكويت ما يستحق التذمر البناء الدافع للعمل وسد الخلل، فلم نبلغ بعد حد الكمال ولا شبيهه، لكن في الوقت ذاته لدينا بفضل الله – تعالى – الكثير والكثير من الأشياء التي تستحق الذكر والإشادة والتفوق بها على الآخرين. الخطير في التذمر المذموم أنه ينسي المرء من حيث علم أم لم يعلم نعم الله – تعالى – التي يتقلب بها وتمثل حلما للملايين من المحرومين والمعدمين وودوا لو ظفروا بشيء منها ساعة من نهار، ومن سفاهة المرء لنفسه أن يبخس ما هو فيه ويتشوف إلى أحوال غيره ليعود عليها بالوبال ولو بعد حين.
mohd_alzuabi@