دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما، اوروبا إلى البقاء «قوية وموحدة» في وقت يواجه الاتحاد الأوروبي أزمة غير مسبوقة على أصعدة عدة منها خطر احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد وتصاعد التيارات الشعبوية في القارة العجوز.
وفي كلمة استحضرت روح الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس الأميركي الأسبق جون كنيدي الذي قال فيه جملته الشهيرة «إنني برليني»، قال أوباما في معرض هانوڤر الصناعي في شمال ألمانيا، أمس، ان «الولايات المتحدة والعالم اجمع يحتاجان إلى اوروبا قوية، ومزدهرة، وديموقراطية وموحدة»، مشيرا إلى أن القارة العجوز تقف أمام لحظة حاسمة من تاريخها.
وبعدما زار نهاية الأسبوع الماضي بريطانيا ليحذر هذا البلد من مغبة الخروج من الاتحاد الأوروبي، اختار اوباما ألمانيا للتشديد على رسالته، مركزا على أهمية وحدة أوروبا، في وقت يواجه البناء الأوروبي تشكيكا غير مسبوق منذ إنشائه في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
وقال اوباما «ربما تحتاجون إلى شخص من الخارج مثلي لتذكيركم بالتقدم الذي أحرزتموه»، مسترجعا الحروب والنزاعات التي أدمت القارة قبل اقل من قرن نتيجة الخصومات القومية.
وقال أوباما محذرا «في القرن الماضي، ولمرتين خلال فترة ثلاثين عاما، قامت القوى الامبراطورية، قوى عدم التسامح والقومية المتطرفة بإحراق هذه القارة وتحويلها بمعظمها حطاما»، وأبدى قلقه حيال الشكوك التي تنتشر حاليا بين الأوروبيين.
وشدد الرئيس الأميركي في زيارته الخامسة والأخيرة لألمانيا قبل نهاية ولايته الرئاسية في يناير المقبل، قائلا «إذا بدأت أوروبا موحدة، سلمية، ديموقراطية وموجهة إلى اقتصاد السوق، تشكك في نفسها وتعيد النظر في التقدم الذي احرز في العقود الأخيرة (...) فإن هذا الأمر سيعزز موقف من يقولون هذا لا يمكن أن ينجح».
وتابع «أذكر بأن بلادنا تحصد المزيد من النجاح وتكون اكثر أمانا حين تدمج الناس من كل الآفاق وكل المعتقدات (...) وهذا ينطبق على مواطنينا المسلمين».
وأكد استمرار الشراكة بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، قائلا «يمكنكم الثقة في أن حليفكم وصديقكم الأكبر الولايات المتحدة الأميركية سيظل إلى جانبكم، الآن ودائما، لأن أوروبا الموحدة تعد حاليا أملا للكثيرين وضرورة بالنسبة لنا جميعا».
من جهة اخرى، دعا اوباما اوروبا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الدفاع، وطالب جميع الدول أعضاء في الحلف الأطلسي بتحمل مسؤولياتها في «دعم الشركاء من أوروبا الشرقية، «في پولندا ورومانيا ودول البلطيق» لمواجهة خطر عدوان روسي جديد تشكو منه هذه الدول، والتصدي أيضا للتهديدات في منطقة جنوب الحلف الأطلسي، ولا سيما على الحدود التركية مع سورية والعراق.
وشدد على أن الغرب بحاجة إلى الإبقاء على العقوبات التي فرضها على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية حتى تنفذ موسكو اتفاق سلام «مينسك».
وأضاف بالقول «أريد علاقات جيدة مع روسيا وبذلنا الكثير للوصول إلى علاقات طيبة مع روسيا لكننا بحاجة لإبقاء العقوبات مفروضة عليها حتى تطبق اتفاقات مينسك بالكامل».
وفي وقت لاحق، اجتمع أوباما قبل مغادرته لألمانيا مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديڤيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينزي في قمة أميركية ـ أوروبية مصغرة.
وأكدوا اعتزامهم المضي قدما نحو تحقيق الاستقرار في ليبيا.
وعقب القمة المصغرة ، قالت ميركل إن هناك «عزما على اتخاذ إجراء مشترك في كل شيء».
مؤكدة أنه من المقرر مواصلة إجراء مناقشات في إطار هذا الشكل الخماسي، وتابعت «نعتزم التغلب على القضايا الأكثر إلحاحا في الأجندة السياسية الأمنية في إطار تحالف وثيق عبر الأطلسي».